للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة، وكانت معه في هذه الغزوة فذكر ما لقى من الناس، فقالت أم سلمة بعاطفة المحبة لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، والعاطفة الشريفة تنطق بالحق أحيانا قالت أم سلمة: يا نبى الله، أتحب ذلك، اخرج، ثم لا تكلم أحدا منهم كلمة، حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك، فخرج، فلم يكلم أحدا منهم، حتى فعل ذلك، ثم نحر بدنه، ودعا حالقه فحلقه.

فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضا، حتى كاد بعضهم يقتل بعضا غما، لعصيانهم، وهذه رواية البخاري، وقد كان فيها خبر الحلق وخبر النحر معا، وقصة النبى عليه الصلاة والسلام مع أم سلمة رضى الله عنها، وإن هذا التفصيل زاد به البخارى عن ابن إسحاق، وزيادة الثقة مقبولة في ذاتها.

[أحكام ثبتت في الحديبية]

٥١٣- بعد صلح الحديبية جاء نسوة إلى النبى صلى الله تعالى عليه وسلم مؤمنات مهاجرات، ولم يردهن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، لأنهن لم يشملهن العهد، الذى يوجب رد من يجيء مسلما من غير ولى أمره، وفي هذا جاء النص الذى يحرم بقاء المسلمة في عصمة كافر سواء أكان كتابيا أم كان من المشركين، ولذا قال الله سبحانه وتعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ، فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ، فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ، لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ، وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ، وَآتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ، وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ، وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْئَلُوا ما أَنْفَقُوا، ذلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ، وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ. وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ مِثْلَ ما أَنْفَقُوا، وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (الممتحنة- ١٠، ١١) .

وقد قال الحافظ ابن كثير: جاءت نسوة مؤمنات. فأنزل الله سبحانه وتعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ- حتى بلغ- بِعِصَمِ الْكَوافِرِ ... (الممتحنة ١٠) فطلق عمر ابن الخطاب امرأتين كانتا في الشرك، فتزوج إحداهما معاوية بن أبى سفيان، والآخرى صفوان بن أمية، ثم رجع النبى صلى الله تعالى عليه وسلم إلى المدينة المنورة.

قال ذلك ابن كثير في سرد ما كان في الحديبية، ولذلك قلنا إن تحريم زواج المسلمة بغير المسلم، وزواج المسلم بالمشركة جاء في الحديبية بعد إمضاء الصلح.

<<  <  ج: ص:  >  >>