اللذين يبلغان أقصى الطاقة في الصوم، وقد روى ذلك عن ابن عباس، ومثلهما الزمن والمريض بمرض لا رجاء في البرء منه.
والخامسة: أن قول الله سبحانه وتعالى: فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ (البقرة: ١٨٤) لا تدل على التخيير، لأن الواضح منها هو صوم التطوع، لا صوم الفريضة.
بقى أن ننظر نظرة فاحصة فيما ذكره من أنه بعد الفريضة، كان الفرض أن يمنع الأكل والشرب، والرفث إلى أزواجهم بعد النوم، وأنه من بعد ذلك أبيح إلى الفجر، ونقول في ذلك إنه لم يثبت من نص قرآنى، ولا من حديث نبوى أنه بمجرد النوم تنتهى إباحة الأكل والشرب، وغيرهما، بل الثابت أنهم فعلوا ذلك، أو أن بعضهم على التحقيق فعل ذلك، أكان هذا من فهم فهموه، أم من نص أدركوه، وإذا كنا نبحث عن النص المروى في ذلك عن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم فلا نجده فإن الراجح أن يكون ذلك من فهمهم لفرط تورعهم، ويرشح لهذا المعنى قول الله سبحانه وتعالى: عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ (البقرة: ١٨٧) والمعنى أنكم تريدون صيانة أنفسكم، وقد فسر الراغب الأصفهانى الاختيان بأنه مرارة الخيانة، وإنى أرى أن خيانة النفس بتكليفها ما لا تطيق.
ولهذا أرى أن ذلك فهم فهموه، فصحح القرآن الكريم الأمر ووضحه وبينه فلم تكن هذه حالا جديدة.
وإنى أعتقد مؤمنا أن الآيات الكريمة من أوّل فريضة الصيام إلى آخر الآيات الكريمة المتعلقة به نسق واحد، ليس فيها ناسخ ومنسوخ، والله أعلم.
[فريضة زكاة الفطر]
٣٧٤- وفي هذه السنة فرض الله سبحانه وتعالى زكاة الفطر، ويبدو من سياق الحوادث أنها كانت تابعة لفريضة الصوم، ولذلك روى أن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم خطب بفرض صدقة الفطر، قبل الإفطار في رمضان هذه السنة بيوم أو يومين، وقال الحافظ ابن كثير: وفيها أى في السنة الثانية صلى النبى عليه الصلاة والسلام صلاة العيد، وخرج بالناس فصلى بالناس إلى المصلى، فكانت أوّل صلاة عيد، وخرج بالناس إلى المصلى وصلاها، وخرجوا بين يديه بالحربة، وكانت للزبير وهبها له النجاشي، فكانت تحمل بين يدى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في الأعياد.
وكان حملها بين يدى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في مجتمع الأعياد الجامع، إشعارا بالوحدة الجماعية التى تقوم بالعبادة، وأنها قوية عزيزة بعون الله سبحانه وتعالى لا ذلة فيها، بل فيها العزة والكرامة.