وإن أحد الرسولين كان يتكلم باسمهما فى حضرة الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم. قال:
ما كلمات أحدا كان أهيب عندى منه.
فكر أمير اليمن وقدر ما بين يديه من علم، وانتهى تفكيره إلى الإسلام والتسليم، وقال إن هذا الرجل لرسول، فأسلم، وأسلمت الأبناء من فارس الذين كانوا باليمن.
وبذلك دخل الإسلام أرض اليمن، ووجد له فيه دعاة.
وقد روى البيهقى أن شيرويه هذا الذى قتل أباه، قد استخلف من بعده ابنته، فقال النبى صلى الله تعالى عليه وسلم لن يفلح قوم ولوا أنفسهم امرأة.
هذا كتاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وأثره، وإذا كان لم يؤثر فى كسرى إلا سلبا، فقد أثر فى غيره إيجابا واستجابة، لقد أثر فى نائبه باليمن، فأسلم وهو فارسى، وأسلم من معه من الأبناء من فارس، وهم باليمن بما وصل إليه الإسلام فى شعب اليمن العربى الأصيل.
ولم يكن كتاب النبى صلى الله تعالى عليه وسلم صرخة فى واد، بل كان لها استجابة، وإذا كان العدد قليلا فإنه سيكون كثيرا فى اليمن وما وراءها وقد كان.
[كتابه إلى النجاشى]
٢٨٥- كتب النبى صلى الله تعالى عليه وسلم إلى النجاشى ملك الحبشة أصحمة، وقد رجا فيه الخير، لأنه أكرم أصحابه عند الهجرة إلى الحبشة، فهو يدعوه فى هذا الكتاب، وقومه، وكان قد أسلم من قبل فيما يروى الرواة، وفيما يدل عليه ما اقترن بالكتاب من قول، وهذا نص الكتاب وما دار حوله.
بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى النجاشى ملك الحبشة. «فإنى أحمد الله تعالى إليك، الله الذى لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن، وأشهد أن عيسى بن مريم روح من الله وكلمته ألقاها إلى مريم البتول الطيبة الحصينة، حملت عيسى فخلقه الله تعالى من روحه، ونفخه كما خلق آدم بيده، وإنى أدعوك إلى الله وحده لا شريك له، والموالاة على طاعته، وأن تتبعنى وتؤمن بالذى جاءنى، فإنى رسول الله، وإنى أدعوك وجنودك إلى الله عز وجل، وقد بلغت ونصحت، فاقبلوا نصيحتى، والسلام على من اتبع الهدى» .