للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[حجة الوداع]

٧٠٩- كانت حجة الوداع فى آخر التبليغ المحمدى، إذ عم العلم بالدعوة الإسلامية البلاد العربية كلها، وخرج نور الإسلام إلى الشام، فدخل فيه من العرب الذين كانوا يخضعون لحكم الرومان، وسميت حجة الوداع، لأن النبي صلي الله تعالى عليه وسلم انتقل إلي الرفيق الأعلي بعدها بأمد قصير، ولأن العبارات فى خطبة الوداع كانت تفيد بأن النبي صلي الله تعالي عليه وسلم لا يلقاهم بعد عامهم هذا، وسميت حجة البلاغ. لأن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كان يذكر فى خطبتها عبارة التبليغ، ونحن نرى أنها سميت حجة البلاغ، لأنها خاتمة البلاغ إلى البلاد العربية، فعمهم العلم بالدعوة الإسلامية، ودخلوا في الإسلام وأشرب حبه في قلوب بعضهم، حتى صاروا مؤمنين، وقدم بعضهم الطاعة له ولأحكامه، ولما يدخل الإيمان قلوبهم.

وقد حمل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم عبء الدعوة وتبليغ ما علموا وما أدركوا من حضرة الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم، فحمل الأمانة الذين شاهدوا وعاينوا وقبسوا من نور الوحى الإلهي، وإن كان قد ختم الوحي برسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، وهم الذين رضي الله تعالي عنهم ورسوله صلى الله تعالى عليه وسلم فى بيعة الرضوان، كأبى بكر وعمر وعثمان وعلي، وأبي عبيدة وغيرهم من الذين كانوا كالحواريين لعيسي عليه الصلاة والسلام، حمل هؤلاء الأطهار الأمانة، ورعوها حق رعايتها، وكانت البلاد العربية كلها بعد أن ارتد من ارتد، قد تجردت لحماية الدعوة، حتي أشربوا حب الإيمان، فكانت القيادة الحربية أحيانا لغير أهل البيعة، ولكن يكون بجوارهم مرؤسون لهم من بعض أهل البيعة، كأبي عبيدة، كان بجوار خالد بن الوليد، وإن كنا نعتقد أن خالدا ممن دخل الإيمان قلبه، ولكن لم يكن كأهل البيعة في العلم بالإسلام، وأحكامه وفرائضه.

وأحيانا تكون القيادة لأهل البيعة كما كان في فتح فارس، فقد كان القائد سعد بن أبي وقاص أحد العشرة المبشرين بالجنة.

[الخروج لحجة البلاغ، وما قام به من مناسك:]

٧١٠- يقول ابن القيم: إن الحج فرض في السنة التاسعة، وما كان من حج الناس قبلها إنما كان على العادة التي كانت عند العرب، ولذلك لم يرسل النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أميرا علي الحج إلا في السنة التاسعة، ولم يحج هذا العام، لأن المشركين كانوا يحجون علي عادة الجاهلية، فأرسل أبا بكر ولم يذهب بنفسه، حتي لا يكون فى سكوته إقرار لهذه الأمور الجاهلية، ولما منعت بمنع المشركين من القرب من المسجد الحرام، قام صلى الله تعالى عليه وسلم بالحج وتولي إمرته بنفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>