للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تحريم ربا البيوع]

٥٥١- ثبت أن تحريم ربا البيوع كان فى غزوة خيبر، أو أن تطبيقه كان واضحا فى غزوة خيبر، وربما كان تحريمه قبل ذلك، ولكنا نرى أول تطبيق كان فى غزوة خيبر أو مقترنا فى الزمان بها، فحق علينا أن نذكره ونحن نتكلم فيها، كما تكلمنا فيما تنبهنا له، من الأحكام العملية التكليفية التى ظهرت فى أثناء الغزوات التى ذكرناها من قبل.

وقبل أن نخوض فى بيان ما ذكر فى تحريم ربا البيوع فى غزوة خيبر نقول:

إن كلمة ربا فى الأحكام الشرعية تطلق بإطلاقين، أحدهما لغوي، والثانى عرفى إسلامى اصطلاحى فقهى، والقسمان متمايزان مختلفان.

فالقسم الأول: اللغوى هو ربا الجاهلية وهو ربا الديون بأن يقرض دينا، ويزيد فى الدين كلما زاد الأجل، فالزيادة تكون فى نظير الأجل، وهذه الزيادة هى الربا. وهو الذى نزلت الآيات القرآنية بتحريمه فى مثل قوله تعالى: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا، لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ، ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا إلى قوله تعالى وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ. وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ.

والتحريم فى هذا النوع من الربا عام، سواء أكان القرض للاستهلاك أو الاستغلال، ومن يفرق بينهما يفسر الأحكام القرآنية كما يهوى، لا كما تدل عليه.

القسم الثانى: ربا البيوع، وهو ربا لأن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم سماه ربا، فهو حقيقة عرفية، وقد جاء فيه الحديث الشريف «الذهب بالذهب مثلا بمثل يدا بيد، والفضة بالفضة مثلا بمثل يدا بيد والبر بالبر مثلا بمثل يدا بيد، والشعير بالشعير مثلا بمثل يدا بيد، والملح بالملح مثلا بمثل يدا بيد فمن زاد أو استزاد، فقد أربي» .

ونرى من هذا أن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم سماه ربا فهو ربا، وقد طبق النبى صلى الله تعالى عليه وسلم ذلك النوع من الربا فى غزوة خيبر، فحق لنا أن نتكلم ببعض القول فيه.

فقد جاء فى السيرة النبوية لابن هشام: قال ابن إسحاق: حدثنى يزيد بن عبد الله بن قسيط أنه حدثه ابن الصامت قال: نهانا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يوم خيبر عن أن نبيع أو نبتاع تبر الذهب بالذهب العين. وتبر الفضة بالورق العين، وقال: ابتاعوا تبر الذهب بالورق العين، وتبر الفضة بالذهب العين.

<<  <  ج: ص:  >  >>