وأن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم عندما بلغه القتال الذى كان بين خالد بن الوليد أرسل إليه النبى صلى الله تعالى عليه وسلم ينهاه عن القتال، فانتهي، وروى أنه لم يقتل من المشركين إلا بضعة عشر من الرجال. وإن مبدأ من دخل داره فهو آمن قد طبقه النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، فلم يقتل رجلا أغلق عليه داره، وإنه يذكر فى ذلك أن اثنين من أحماء أم هانيء بنت أبى طالب أخت على بن أبى طالب رضى الله عنهما لجا فتبعهما على لأنهما لم يغلقا دارهما عليهما وفرا إلى أم هانيء، ليقتلهما، ولكنها أغلقت عليهما باب بيتها، وعلى يريد قتلهما فى دارها، وأمام إصرار على رضى الله تعالى عنه ذهبت أم هانئ إلى النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بأعلى مكة المكرمة فوجدته يغتسل، وفاطمة ابنته تستره بثوبه، فلما اغتسل أخذ ثوبه فتوشح به، ثم صلى ثمانى ركعات، ثم انصرف إلى أم هانئ فقال:
مرحبا وأهلا، يا أم هانئ، ما جاء بك، فأخبرته خبر الرجلين، وخبر علي، فقال صلى الله تعالى عليه وسلم: أجرنا من أجرت، وأمنا من أمنت، فلا يقتلهما.
[دخول النبى صلى الله تعالى عليه وسلم المسجد الحرام:]
٥٩٩- دخل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم البيت الحرام بعد أن ركز رايته بالحجون ثم نهض والمهاجرون والأنصار يحيطون به بين يديه ومن خلفه وحوله، فأقبل إلى الحجر الأسود، فاستلمه، ثم طاف بالبيت وعليه قوس، وحول البيت ستون وثلاثمائة صنم، وهى متماسكة، فجعل يطعنها بالقوس، ويقول «جاء الحق وزهق الباطل، إن الباطل كان زهوقا. وما يبديء الباطل وما يعيد» والأصنام تتساقط على وجوهها بمجرد إصابتها بقوسه، حتى أتى عليها جميعا تنكيسا.
وكان صلى الله تعالى عليه وسلم يطوف على راحلته، ولم يكن ذلك محرما، واقتصر فى دخوله على الطواف.
ولقد جاءه على كرم الله وجهه ومعه مفتاح الكعبة الشريفة، وأعطاه النبى صلى الله تعالى عليه وسلم وطلب أن يعطيهم الحجابة، والسقاية معهم فى يد العباس رضى الله تبارك وتعالى عنه فدعا عثمان ابن طلحة، فأعطاه المفتاح، وعثمان هذا هو ثالث الثلاثة الذين أسلموا فى رحلة واحدة، هم عثمان بن طلحة هذا وخالد بن الوليد، وعمرو بن العاص.
وأمر بالكعبة الشريفة ففتحت ودخلها، ورأى فيها جملة من الصخور منحوتة فى الصخر، ورأى فيها صورة إبراهيم، وإسماعيل يستقسمان بالأزلام وهى منحوتة أيضا، فقال: قاتلهم الله، والله إن استقسما بها قط (أى ما استقسما) ورأى فى داخل الكعبة الشريفة حمامة من عيدان فكسرها، وأمر