وكتب مثل هذا الصلح إلى جهم بن الصلت، وشرحبيل بن حسنة، أو أذن لهما رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بأن يكون لهما ما اشتمل عليه من حقوق.
وكتب مثله لأهل جرباء، وأذرح، وهذا نصه:
بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من محمد رسول الله لأهل جرباء وأذرح أنهم آمنون بأمان الله تعالى، وأمان محمد صلى الله تعالى عليه وسلم، وأن عليهم مائة دينار فى كل رجب ومائة أوقية، وأن الله تعالى عليهم كفيل بالنصح، والإحسان إلى المسلمين، ومن لجأ إليهم من المسلمين.
وهكذا كان النبى صلى الله تعالى عليه وسلم يعقد العقود الخاصة بالسلم بين المسلمين والنصارى، ومهد السبل للمسلمين يسيرون فى تلك الديار دعاة للإسلام، ولا شك أن هذه نتيجة من أعظم النتائج التى تتفق مع الدعوة الإسلامية، فما جاء محمد صلى الله تعالى عليه وسلم محاربا، ولكن جاء هاديا مبشرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا صلى الله تعالى عليه وسلم.
ولم يكتف النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بالعقود يعقدها، وهو فى تبوك بل أرسل السرايا إلى القبائل الشمالية القربية من تبوك، يسالمهم.
[سرية خالد إلى أكيدر دومة]
٦٤٧- أرسل إلى أكيدر بن عبد الملك، من كنانة، كان ملكا على دومة، وكان نصرانيا، وقد كان فى هذه السرية عشرون وأربعمائة فارس، ودومة هى دومة الجندل، وقال البيهقى: كان الجيش مكونا من المهاجرين، وعلى رأسهم أبو بكر الصديق، وكان خالد على رأس الأعراب.
وأن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عندما أرسل هذه السرية قال لخالد:«إنك ستجده يصيد البقر» ، وهذا يدل على أنه أمير لا يعنى بالجد من الأمور.
خرج خالد حتى دنا من حصنه، وصار منه بمنظر العين، وكان ذلك فى ليلة مقمرة صائغة، وهو على سطح له ومعه امرأته، وباتت البقر تحك بقرونها باب القصر. فقالت له امرأته: هل رأيت مثل هذا قط، قال: لا والله. قالت فمن يحرك هذه؟ قال: لا أحد، عندئذ نزل بفرسه، وقيل أنه ما كرهم قبل أن ينزل.
وكان معه نفر من أهل بيته فيهم أخ له يقال له حسان، خرجوا، فتلقتهم خيل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فأخذته وقتلوا أخاه، لأنه أخذ يقاومهم.