للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال النبى صلى الله تعالى عليه وسلم حاكما بين هذين المؤمنين المخلصين: «ليس بأحق منكم، وله ولأصحابه هجرة واحدة، ولكم أنتم أهل السفينة هجرتان» .

هذا حديث كان يجرى بين الصحابة أيهما أسبق للهجرة أأولئك الذين هاجروا من مكة المكرمة إذ هاجر النبى صلى الله تعالى عليه وسلم من مكة المكرمة، أم أولئك الذين هاجروا فرارا من فتنة المشركين، وبسبب بعدهم وغربتهم لم يهاجروا مع النبى صلى الله تعالى عليه وسلم إلى المدينة المنورة، بل حبسهم البعد والغربة عن أن يهاجروا مع النبى صلى الله تعالى عليه وسلم.

وفى ذلك الشرف والإخلاص فليتنافس المتنافسون، وفى كل فضل، فالذين هاجروا مع النبى صلى الله تعالى عليه وسلم نالوا نعمة الجهاد فى غزوات وسرايا، فجاهدوا فى بدر وأحد، وبنى قينقاع، وبنى النضير، ثم تحملوا البلاء فى حفر الخندق، وزلزال غزوة الأحزاب فى الخندق، ثم كان لهم فضل الصبر فى الحديبية، وليس صبر القتال، ولكنه صبر النفس، وضبطها، ثم بيعة الرضوان.

وفضل مهاجرى الحبشة أنهم كانوا فى غربة معزولة، وكانوا مستضعفين فى الأرض يبغون الجهاد ولا يدركونه، حتى أنقذهم النبى صلى الله تعالى عليه وسلم فجاؤا إليه ليحملوا عبء الجهاد كإخوانهم، ويزول عنهم بلاء الاغتراب إلى بلاء الجهاد، وعزته.

[وادى القرى]

٥٣٦- كان حول خيبر أو على مقربة جيوب لليهود، لم يقدعها هزائم أهل الحصون فكانوا يعلون برؤسهم حاسبين أنهم ينالون من المسلمين نيلا.

فكان اليهود بوادى القرى ينهدون برؤسهم، ولم يعتبروا بما كان فى خيبر، وبينما النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بوادى القرى أصيب رجل من المؤمنين بسهم فقتل.

وأخذ يهود وادى القرى، يجمعون أنفسهم، وانضم إليهم ناس من العرب، فلم يكن بد من القتال وهم أهون فى أنفسهم وعند الله من خيبر ومن كان وراءهم.

هيأ النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أصحابه للقتال وصفهم، وأعطى اللواء سعد بن عبادة، وأعطى راية إلى الحباب بن المنذر، وراية إلى سهل بن حنيف، وراية إلى عباد بن بشر، وتقدم النبى صلى الله تعالى عليه وسلم يدعوهم إلى الإسلام، وأخبرهم أنهم إن أسلموا أحرزوا أموالهم، وحقنوا دماءهم وحسابهم على الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>