للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولكنه كان دائبا على إظهار مالا يخفيه، فقد وقف كذلك، والجيش الإسلامى قد عاد جريحا، ولم يكن مهزوما، وقد وقف كما كان يقف كل جمعة، فأدرك المؤمنون تهكمه، وأخذوه بثيابه، وقالوا: اجلس أى عدو الله والله لست لذلك بأهل، وقد صنعت ما صنعت.

فخرج يتخطى رقاب الناس وهو يقول: «والله لكأنما قلت هجرا أن قمت أشدد أمره.. فوثب إليّ رجال يجبذوننى» .

قال له رجال من الأنصار: ارجع يستغفر لك النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، قال: والله ما أبغى أن يستغفر لى، إنه يقول يريد الشماتة، وكما قال سبحانه وتعالى فيه وفي أصحابه، ومرضى القلوب:

أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغانَهُمْ. وَلَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ.

وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ (محمد- ٣١) ..

أصابت المنافقين فرحة شديدة، قد بدت البغضاء من أفواههم، وكما قال سبحانه وتعالى:

إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ، وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِها، وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً، إِنَّ اللَّهَ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (آل عمران- ١٢٠) .

هذا ما كان من أهل النفاق

[اليهود:]

٤٣٦- كانت فرحة اليهود شديدة، وأوجدت فيهم طمعا، إنهم موتورون من المسلمين بما كان لبنى قينقاع جزاء ما اقترفوا، وكانوا يتوقعون أن ينزل بهم ما نزل بهم، فلما كانت أحد طمعوا بدل أن يستمر خوفهم، وظنوها فرصة سنحت، وكانوا يتربصون بالمؤمنين الدوائر.

ولا شك أن فرحتهم كانت عظيمة، وخصوصا أنه كان منهم من قاتل مع المشركين، وهو أبو عمار الراهب، وحسب أن مجيئه يخذل أهل يثرب عن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم.

ولقد بدت البغضاء من أقوالهم، وأفعالهم، حتى ليهمون أن يقتلوا النبى صلى الله عليه وسلم غيلة بأن يرموا عليه صلى الله تعالى عليه وسلم حجرا من سطح بعض بيوتهم، ومعه أصحابه أبو بكر، وعمر، وعلى، رضى الله تعالى عنهم جميعا، ولكن الله تعالى نجاه منهم.

وقد كان المسلمون يظنون بهم الظنون لفرط ما كان من عداوتهم سرا وجهرا، وظاهرا وباطنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>