للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تحريم وطء الحبالى من السبايا وغيرهن:]

٥٤٣- ثبت تحريم الدخول بالحبالى من السبايا، وقد ورد ذلك فى الحديث السابق المروى بسند ابن إسحاق رضى الله تبارك وتعالى عنه.

وقد روى أن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم قال: «لا يحل لامريء يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقى ماءه زرع غيره، (يعنى الحبالى من السبايا) ولا يحل لامريء يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيع مغنما، حتى يقسم، ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يركب دابة من فيء المسلمين حتى إذا أعجفها ردها، ولا يحل لامريء يؤمن بالله واليوم الآخر أن يلبس من فيء المسلمين، حتى إذا أخلقه رده» .

ونرى أن الحديث منع أمورا تتعلق بالمغانم، ومنع الدخول بالحبالى من السبايا، ونريد أن نتكلم فى هذا الجزء الأخير، لأنه موضوع قولنا ونؤخر الباقى.

والكلام فى الدخول بالحبالى، وقد نهى عنه النبى صلى الله تعالى عليه وسلم ولم ينه عن سببه فيما يتعلق بالسبايا. ذلك أن سبب الدخول بالسبايا هو ملك اليمين، فلم يكن ثمة نهى عنه، بل الملكية تثبت، ولكن لا يترتب عليها أثرها وهو الدخول، لأنه إذا كان السبب قد وجد، فقد كان المانع، وهو كونها حاملا، وأن دخوله يسقى به ماءه زرع غيره، وهو المنهى عنه. فلا بد قبل أن يدخل بالمسبية من استبراء رحمها بالولادة إن كانت حاملا، وأن تحيض مرة إذا كانت حائلا، لأن الحيض أمارة أنه لا حمل، فيحل الدخول. وأن السبب هنا، وهو الملكية حكم شرعى، ثبت بحكم تقسيم الغنائم، فهو سبب شرعى، وليس بسبب جعلى يقوم به المكلف.

ونثير هنا بحثا: هل السبب الجعلى، وهو عقد الزواج يكون كالسبب الشرعى، بأن يحل عقد الزواج على الحامل، كما يثبت سبب الملكية.

لقد فصل الفقهاء الأمر فى ذلك بالاستناد إلى ما قرره النبى صلى الله تعالى عليه وسلم من وجوب العدة من كل دخول كان بسبب أمر ليس حراما عند الشارع، أو عفا عنه. فإن العقد على الحامل حرام وذلك لأن لها عدة، ولا عقد فى حال العدة، فإذا كان من زواج صحيح أو دخول بشبهة تسقط الحد، وتمحو وصف الزنا، فإن العقد لا يصح، لأنها ذات عدة، والعقد على معتدة باطل، ولذلك يكون السبب باطلا، والدخول يكون زنا.

وإذا كانت حاملا من زنا، فهل يجوز الدخول وهل يصح العقد، اتفق الفقهاء على أن الدخول لا يجوز، لأنه ينطبق عليه الحديث، لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقى ماءه زرع غيره، ولكن أيصح إنشاء العقد على الزانية.

<<  <  ج: ص:  >  >>