للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه]

٤٢٦- مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ. وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا. لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ إِنْ شاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً (الأحزاب- ٢٣، ٢٤) .

وإن النص السامى الكريم ينطبق على الذين ثبتوا من رجال المؤمنين في أحد، سواء أنزلت الآية فيهم أم كانت عامة، تعم كل رجال الجهاد من المؤمنين.

فقد كان في هذه الغزوة رجال كانوا صادقين في حربهم، وصادقين في إيمانهم منهم سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب الذى كان يدق جيش الشرك دقا، ومنهم أبو دجانة الذى كان يفلق الهام بسيف رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، وأعطى السيف حقه، ومنهم مصعب بن عمير، ومنهم بطل الأبطال على بن أبى طالب الذى حمل اللواء في الشديدة، فكان إعطاء اللواء له إرهابا للشرك، ومنهم طلحة بن عبيد الله، الذى كان له الفضل الأوّل في تحويل الحرب من هزيمة متوقعة للمؤمنين إلى نصر متوقع للمؤمنين، ومن بعده أنهى المشركون القتال خشية أن تكون العاقبة عليهم، لا لهم.

وذلك عند ما طلب النبى صلى الله تعالى عليه وسلم من صحابته الأبطال الذين يحوطونه أن يعلوا إلى الجبل، حتى لا يكون أبو سفيان في علو عليهم.

ولنترك البيهقى يتكلم في دلائل النبوة «انهزم الناس عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، وبقى معه أحد عشر رجلا من الأنصار، وطلحة بن عبيد الله وهو يصعد في الجبل فلحقهم المشركون، فقال: ألا أحد لهؤلاء، فقال طلحة: أنا يا رسول الله، فقال عليه الصلاة والسلام كما أنت، فقال رجل من الأنصار فأنا يا رسول الله فقاتل عنه، وصعد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ومن بقى معه، ثم قتل الأنصارى فلحقوه، فقال: ألا رجل لهؤلاء، فقال طلحة مثل قوله، فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم مثل قوله، فقال: رجل من الأنصار فأنا يا رسول الله، فقاتل، وأصحابه يصعدون، ثم قتل فلحقوه، فلم يزل يقول مثل قوله الأوّل، ويقول طلحة أنا يا رسول الله فيستأذنه رجل من الأنصار للقتال، فيأذن له، فيقاتل مثل من كان قبله، حتى لم يبق معه أحد إلا طلحة، فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم من لهؤلاء؟ فقال طلحة أنا يا رسول الله، فقاتل مثل قتال جميع من كان قبله، وأصيبت أنامله، ثم صعد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إلى أصحابه وهم مجتمعون، وقال النبى صلى الله تعالى عليه وسلم: ذلك يوم كان لطلحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>