للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[إلى خيبر]

٥٢٣- أنهى النبى صلى الله تعالى عليه وسلم ما بينه وبين قريش بصلح مدته عشر سنين، ليكون للدعوة والتبليغ وإن لم يترك ذلك التبليغ أبدا، فلم تشغله الحرب عن التبليغ بل كان التبليغ فى أثناء الحروب، وليتجه إلى اليهود أولا، وإلى حرب الشام ثانيا، لأن الروم فى الشام قتلوا بعض من آمنوا من أهل الشام، ففعلوا مثل ما فعلت قريش، فحق قتالهم حتى لا تكون فتنة، ويكون الدين لله.

ولذلك كان سيره من الحديبية إلى خيبر، والنبى صلى الله تعالى عليه وسلم ما كان يقاتل إلا فى ميدان واحد، فبعد أن انتهى من قريش انفرد لليهود الذين نقضوا معه كل العهود وكانوا إلبا عليه، يحرضون ويفسدون ويدسون. وكانت خيبر فى ذى الحجة على رواية عبد الرحمن بن أبى ليلى، فقد فسر قوله تعالى: وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً قال يعنى خيبر فقال إنها كانت فى ذى الحجة من السنة السادسة بعد عشرين يوما من صلح الحديبية، والواقدى يروى بسنده عن شيوخه أنها كانت فى السنة السابعة من الهجرة.

وقد عين الوقت ابن إسحاق فقال: قام رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بالمدينة المنورة حين رجع من الحديبية ذا الحجة وبعض المحرم ثم خرج فى بقية المحرم إلى خيبر.

وبعض الروايات قالت إن غزوة خيبر كانت فى صفر سنة سبع.

ومهما يكن تعيين الزمن، فإن غزوة خيبر كانت أمرا لا بد منه، لأنه اجتمع أعداؤه من اليهود، وما كانوا يألون المؤمنين إلا خبالا؛ وينتهزون الفرصة لينقضوا.

وقد رأينا أنهم يمالئون غطفان، ويستخدمون قوة منهم، وقد بعث النبى صلى الله تعالى عليه وسلم على بن أبى طالب ليتعرف أمرهم والتقى بعين لهم، وأسر من أسر منهم.

فكانوا بلا شك يريدون أن ينتهزوا معاونة ليغيروا عليه أو يعاونوا من يحاربونه، وكان فيهم غلظة وشدة.

فلما اتجه النبى صلى الله تعالى عليه وسلم لغزو بنى النضير لكيلا يكون لليهود سلطان فى بلاد العرب كان لا بد أن تنضم إليهم غطفان، ولشدة عداوتهم للنبى صلى الله تعالى عليه وسلم، ولقربهم من منازلهم، ولسبق تحالفهم مع الأحزاب لغزو المدينة، ولكن الله ردهم بغيظهم لم ينالوا خيرا، وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ، وَكانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزاً (الأحزاب- ٢٥) .

وقد احتاط صلى الله تعالى عليه وسلم لذلك، فنزل موقعا يفصل بين غطفان وخيبر. ولنسرد قصة هذه الغزوة من وقت ابتدائها.

<<  <  ج: ص:  >  >>