الصلاة والسلام) فمالك ولصاحبك (أى أبى سلمة) تمنعه، فقال: إنه استجار بى، وهو ابن أختى، وإن أنا لم أمنع ابن أختى لا أمنع ابن أخى.
أخذت الحمية أبا لهب من طول المضايقة لأخيه فقال مهددا:
يا معشر قريش، أكثرتم على هذا الشيخ، ما تزالون تتواثبون عليه فى جواره من بين قومه، والله لتنتهن أو لنقومن معه فى كل ما قام فيه، حتى يبلغ ما أراد.
كان أبو لهب فى صفهم، وخشوا أن ينحاز إلى محمد صلّى الله عليه وسلّم كما انحاز أخ له من قبل فدخل فى الإسلام وهو حمزة بسبب ما فعله أبو جهل مع محمد عليه الصلاة والسلام.
ولذا سارعوا إلى إرضائه فقالوا: بل ننصرف عما تكره يا أبا عتبة. وكان لهم وليا وناصرا.
بهذه الوقفة القوية طمع أبو طالب أن يكون معه فى نصرته لمحمد عليه الصلاة والسلام، لتكون الأسرة كلها فى حماية أفضلها وأكرمها، ولكن هذه الوثبة كانت ومضة برق لم تلبث أن انطفأت، أو كانت كقدر من الماء لا يكفى لانطفاء الحقد والغيظ، واستمر أبو لهب فى لهب، فقد استمر فى عداوته للنبى عليه الصلاة والسلام، وموالاته لأعدائه، يشترك فى فتنهم وإيذائهم، لا تحركه مروءة، ولا شفقة على ابن أخيه، ولا أخيه الشيخ.
[المقاطعة]
٢٦٩- برمت قريش بالنبى صلى الله تعالى عليه وسلم، وبرمت ببنى هاشم الذين يحمونه، ويدافعونهم عن نفسه أن ينالوا منها، وخصوصا أبا طالب الذى ضاعت عنده الحيل والتهديدات، وهو مرتفع شامخ كالطود تنسال عنده التهديدات، ولا تقف عنده، لا يضعف ولا يهن، ولا يصيبه خور فى عزمته.
ولما وصل بهم الأمر إلى هذا الحد، اعتزموا الشطط، وأن يركبوا مركبا صعبا، وهو قتل النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، ولا يبالون أبا طالب، وبنى هاشم معه.
علم أبو طالب بما بيتوا وما دبروا فنادى بنى عبد مناف أن يناصروه فى منع النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، ولم يجبه من بنى عبد مناف إلا بنو المطلب الذين كانوا مع بنى هاشم جاهلية وإسلاما، وبنو هاشم مع أبى طالب إلا أبا لهب الذى أبى إلا أن يكون مع قريش فى غلوائها وفيما أرادت ابن أخيه، ولنترك الكلمة لما روى عن الزهرى: