للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله، فقال عليه الصلاة والسلام: «سيروا وأبشروا، فإن الله قد وعدنى إحدى الطائفتين، والله لكأنى أنظر إلى مصارع القوم» .

هذا هو جيش النبى صلى الله عليه وسلم عقد العزم، وتؤيده قوة الله سبحانه وتعالى.

[الجيشان]

٣٧٨- رأيت الجيش النبوى قد ربط نفسه وقلبه بالحق، ولكن عدده قليل، وعدته ناقصة، فلم يكن فيه إلا فرسان وأربعون بعيرا لأكثر من ثلاثمائة مجاهد، فكانوا يعتقبون البعير، يتبادله أكثر من أربعة، والنبى صلى الله تعالى عليه وسلم يعتقب معهم، حتى إذا كان سيره أرادوا إعفاء النبى صلى الله عليه وسلم، فقال عليه الصلاة والسلام: لست أقل منكم قوة، ولا أقل منكم طلبا للأجر.

وجيش الشر كان خمسين وتسعمائة كما ذكرنا، وكان معهم سبعون فرسا، وكان معهم العدد الكثير الذى يركبونه والذى يذبحونه في مأكلهم، ولكنه تنقصه العزيمة والإيمان، بل الرغبة القاطعة في القتال، فالتردد فيه قد كان من كثيرين منهم، ومنهم من تورط في القتال، ولم يكن له فيه إرادة.

(أ) إنهم خرجوا من أجل حماية عيرهم، ودفعتهم الرغبة في حماية حماها. إلى أن يتقدموا على الصعب والذلول لحمايتها. وإنهم إن لم يفعلوا فقدوا المال ومعه النعمة، ونالتهم المهانة في العرب، وقد أرسل إليهم أبو سفيان يذكر لهم أنه نجا بالعير، وقال: «إنما خرجتم لتمنعوا عيركم ورجالكم وأموالكم، فقد نجاها الله فارجعوا» .

وإذا زال السبب فليس لهم ما يبعث حميتهم لقتال، ولكن الحقد الدفين، والحسد لبنى هاشم حرك أبا جهل، فدفعهم إلى المضى في القتال حقدا وحسدا، واندفع معه من هو على شاكلته.

(ب) وجاء بنو زهرة فتخلفوا جميعا لهذا السبب، وقال قائلهم، لا حاجة لكم بأن تخرجوا في غير ضيعة، ورموا أبا جهل بالحمق والجهل.

(ج) إن بعض القرشيين الأقوياء الذين لهم مكانة في قومهم ترددوا في الخروج كأمية بن خلف، فإنه امتنع عن الخروج، جاء في سيرة ابن إسحاق أن أمية بن خلف، كان قد أجمع القعود، وكان شيخا جليلا جسيما فأتاه عقبة بن أبى معيط وهو جالس في المسجد بين ظهرانى قومه بمجمرة يحملها نارا ومجمرا (أى بخورا) حتى وضعها بين يديه. ثم قال: يا أبا على استجمر فإنما أنت من النساء.

<<  <  ج: ص:  >  >>