٦٢٦- روى ابن إسحاق بسنده عن أبى سعيد الخدرى قال: لما أعطى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ما أعطى من العطايا الكبار فى قريش، وفى قبائل العرب، ولم يكن فى الأنصار منها شيء، وجد هذا الحى من الأنصار فى أنفسهم، حتى قال قائلهم، لقى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قومه، فدخل عليه سعد بن عبادة فقال: يا رسول الله، إن هذا الحى من الأنصار قد وجدوا عليك فى أنفسهم، لما صنعت فى هذا الذى أصبت، قسمت فى قومك وأعطيت عطايا عظيمة فى قبائل العرب، ولم يكن فى هذا الحى من الأنصار منها شيء. قال النبى صلى الله تعالى عليه وسلم:
فأين أنت من ذلك يا سعد. قال: يا رسول الله ما أنا إلا من قومى. قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، فاجمع لى قومك فى هذه الحظيرة.
فجاء رجال من المهاجرين فتركهم فدخلوا، وجاء آخرون فردوا، فلما اجتمعوا أتى سعد فقال قد اجتمع لك هذا الحى من الأنصار.
فأتاهم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، ووقف فيهم خطيبا، فحمد الله تعالى، وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال:«يا معشر الأنصار، ما قالة بلغتنى، وموجدة وجدتموها فى أنفسكم، ألم آتكم ضلالا، فهداكم الله بى. وعالة فأغناكم الله بى، وأعداء فألف بين قلوبكم!! قالوا: لله ورسوله المن والفضل، ثم قال صلى الله تعالى عليه وسلم: ألا تجيبونى معشر الأنصار، قالوا: بماذا نجيبك يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: أما والله لو قلتم، لصدقتم ولصدقتم، أتيتنا مكذبا فصدقناك، ومخذولا فنصرناك، وطريدا فاويناك، وعائلا فواسيناك، أوجدتم يا معشر الأنصار فى أنفسكم من لعاعة من الدنيا، تألفت بها قوما ليسلموا، ووكلتكم إلى إسلامكم، ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وترجعوا برسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إلى رحالكم، فوالذى نفس محمد بيده لما تنقلبون به خير مما ينقلبون، ولولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار، ولو سلك الناس شعبا وواديا، وسلك الأنصار شعبا وواديا لسلكت شعب الأنصار وواديها، الأنصار شعار، والناس دثار لهم، اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار. قال أبو سعيد الخدرى: فبكوا حتى أخضلوا لحاهم. وقالوا: رضينا برسول الله قسما وحظا» .
وإن الموجدة التى وجدوها، ربما كان من أسبابها أنهم وجدوا أبا سفيان الذى قاتلوه أخذ العطايا العظيمة هو وابناه، وهم الذين قاتلوهم مجاهدين فى سبيل الله.