للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ملكية أرض مكة المكرمة]

٦١٧- ملكية أرض مكة المكرمة أتجوز أو لا تجوز؟ فى هذا الأمر نظر السلف الصالح، واختلفوا فى اتجاههم إلى اتجاهين:

أولهما: أنها لا تملك، وحجته أولا أنها دار النسك، ومتعبد الخلق، وحرم الله تعالى الذى جعله للناس سواء العاكف فيه والباد، وإن الله تعالى يقول: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً، وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ (العنكبوت: ٦٧) وإن أرض مكة المكرمة نسك وحرم، فهى معبد، والمعابد لا تملك، إنما هى وقف على العباد لا تباع ولا توهب ولا تورث.

ثانيا: كل تعبير بالحرم أو نحو ذلك فهو تعبير عن مكة المكرمة- يقول الله تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ الَّذِي جَعَلْناهُ لِلنَّاسِ سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ، وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ (الحج- ٢٥) .

وترى أن مكة المكرمة كلها بظاهر النص وإشاراته هى موطن العاكف ومزار البادى فكلها نسك، لا يورث ولا يملك. وحجة هذا الرأى أيضا: أنه قد وردت الآثار صريحة بالنهى عن بيعها، وعن إجارتها، وعن وراثتها، ولقد قال عبد الله بن عمر من أكل أجور بيوت مكة المكرمة، فإنما يأكل فى بطونه نار جهنم.

وثالثا: أن عمر بن الخطاب نهى عن اتخاذ الأبواب فى دور مكة المكرمة وأمر بفتح الأبواب لمن كان لداره باب، فلا يغلقه، ليسهل أن يبيت العاكف فيه والباد، كما صرح الله سبحانه وتعالى.

ورابعا: كتب عمر بن عبد العزيز على مشهد من التابعين ألا تؤجر دور مكة المكرمة.

هذه حجج الذين قالوا إنها لا تملك أرضها، ولا تؤجر، ولا تباع ولا تورث.

وحجة الذين أباحوا امتلاكها- أن الله سبحانه وتعالى أضاف ملكيتها إلى أصحابها فقال تعالى:

لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ (الحشر- ٨) وقال تعالى:

فَالَّذِينَ هاجَرُوا، وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ (الممتحنة- ٩) .

وقال تعالى: إِنَّما يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ.

وفى هذه النصوص كلها أضاف الديار إضافة اختصاص إلى المهاجرين.

وقد سأل سائل النبى صلى الله تعالى عليه وسلم: أين تنزل غدا بدارك؟. فقال النبى صلى الله تعالى عليه وسلم: «وهل ترك عقيل من دار» وفى رواية من رباع، فلم يقل أنه لم يكن له من دار ولقد

<<  <  ج: ص:  >  >>