للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاء فى الروض الأنف «من أسباب توفيق الله له (أى لأبى بكر) أنه رأى القمر نزل مكة المكرمة، ثم تفرق على جميع منازلها وبيوتها، فدخل فى كل بيت منه شعبة، ثم كان جمعه فى حجره، فقصها على بعض الكتابيين، فعبرها له بأن النبى المنتظر الذى قد أظل زمانه يتبعه فيكون أسعد الناس به، فلما دعاه صلى الله تعالى عليه وسلم أجاب» .

دخل أبو بكر فى الإسلام فاستأنس به النبى عليه الصلاة والسلام بأبلغ مما كان واشتدت بينهما الصحبة، فبعد أن كانت الصحبة مبنية على مجرد الاستئناس النفسى والخلقي، صارت الأنسة بالإيمان بالله واحده، وبالمؤازرة فى شدائد الحياة، واتخذ محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام من مكانة أبى بكر، وأنس الناس ومكانته عندهم قوة لدعوة الحق يدعو بها، فوق ما كان له هو عليه الصلاة والسلام من قوة نفس، ومكانة عند الله وعند الناس.

[تتابع المخلصين:]

٢١٤- بإسلام أبى بكر تجاوز الإسلام حجرات بيته، لقد كان فيها مقصورا على إسلام الثلاثة الذين يعاشرون النبى عليه الصلاة والسلام وهم زوجه الكريم، وربيبه الأمين علي، وعشيرة الوفى زيد، ولسنا نذكر فى ذلك ترتيبا، وإن كنا نؤكد فى غير تلبث ولا مواربة أن أولهم بإجماع المسلمين الطاهرة التى ازرت النبى عليه الصلاة والسلام قبل البعثة، ووقت انبلاج فجر البعثة، وبعد الأمر بالتبليغ، وكان فضلها عند الله عظيما.

بعد إسلام أبى بكر تتابع الإسلام فى نفر ممن لهم بالنبى عليه الصلاة والسلام مودة سابقة، أو لهم بالصديق صداقة، وكان فيهم استعداد، كان أول من أسلم بعد بيت النبوة وأبى بكر عثمان بن عفان، وقد كانت له بالصديق صداقة، وله بالنبى محبة، ويريد أن يتصل به بنسب، كان يريد أن يكون له صهر، فإنه عندما بلغه أن محمدا صلى الله عليه وسلم أنكح ابنته رقية عتبة أصابته حسرة، ولنترك له الكلمة. فهو يقول:

كنت بفناء الكعبة فقيل أن محمدا صلى الله عليه وسلم أنكح عتبة ابنته رقية فدخلتنى حسرة ألا أكون قد سبقته إليها فانصرفت إلى منزلي، لأجد سعدى بنت كريز، فأخبرتنى أن الله أرسل محمدا صلى الله عليه وسلم ... وقال أنها حثته على اتباعه، وإن لم تكن قد ذكرت لمحمد صلى الله عليه وسلم إسلامها. ثم قال: «وكان لى مجلس من الصديق، فأصبته فيه واحده» (فحثه الصديق على الإيمان) قال ومر النبى صلى الله عليه وسلم، ثم أقبل على، فقال أجب الله تعالى إلى جنته، فإنى رسول الله تعالى إليك وإلى جميع خلقه، فو الله ما تمالكت حين سمعته أن أسلمت، ثم لم ألبث أن تزوجت رقية.

<<  <  ج: ص:  >  >>