خرج رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم معه اثنا عشر ألفا، منهم عشرة آلاف دخل بهم، وهو جيشه الأول، ولم يكن كله من المهاجرين والأنصار، وألفان من أهل مكة المكرمة الذين أسلموا بعد الفتح، أو لم يظهر إسلامهم إلا فى الفتح، وفيهم أبو سفيان بن حرب، وأمثاله. وخلف فى مكة المكرمة عتاب بن أسيد من بنى عبد شمس، ثم مضى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم على وجهه نحو هوازن، أو حنين أو أوطاس، وكلها أسماء لهذه المعركة.
ولا شك أن الجيش كان فيه ألفان قريبا عهد بالجاهلية، كما أشرنا من قبل، ولقد روى ابن إسحاق بسنده عن الحارث بن مالك، أن الحارث هذا قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إلى حنين ونحن حديثو عهد بالجاهلية.
ولقد رأى الجيش شجرة عظيمة خضراء يقال لها ذات أنواط كانت قريش ومن حولهم يقدسونها ويأتون كل سنة يذبحون عندها تقديسا لها.
فراعهم منظرها، ورأوها سدرة عظيمة. ويقول الحارث بن مالك: تنادينا من جنبات الطريق: يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط (أى شجرة عظيمة نقدسها، وننحر عندها) .
قال لهم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: الله أكبر قلتم والذى نفس محمد بيده كما قال قوم موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة؛ قال إنكم قوم تجهلون. إنها السنن لتركبن سنن من كان قبلكم.
كان من الألفين اللذين ضمهما النبى صلى الله تعالى عليه وسلم إلى الجيش الذى غزا به مكة المكرمة، من فيهم هذه العقلية وكلهم أو جلهم حديث عهد بالجاهلية لما يدخل الإيمان فى قلوبهم.
[الانهزام ثم الانتصار:]
٦٢١- تقدم جيش الإسلام إلى وادى حنين، وكان ذا أودية وطرق مختلفة، فتقدم المسلمون فى واد من أودية تهامة، وانحدر فيه انحدارا حتى أو غلوا فى باطن الوادى، وكان جيش هوازن قد سبقهم إلى الوادى وادى حنين، وكمنوا فى شعابه، وأحنائه ومضايقه.
وكانوا محميين مهيئين، وكان فى المتقدمين من جيش المسلمين على رأس بنى سليم خالد ابن الوليد، وما أن تقدم المسلمون وسط هذا الكمين المتعدد النواحى، وهم فى عماية الصبح، وهو الظلام الذى يسبقه!.
وفى هذه الحال راع جيش المسلمين انقضاض هوازن عليهم كتائب قد تعددت، فشدوا شدة رجل واحد، فكانت المفاجأة مروعة عنيفة، وانتثر الناس راجعين لا يلوى أحد على أحد.