للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال تعالى فيه: وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ مَغْرَماً، وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ، وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (التوبة)

والقسم الثالث: المؤمن الصادق فى إيمانه، المتعرف لأحكامه، وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَيَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ قُرُباتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَواتِ الرَّسُولِ، أَلا إِنَّها قُرْبَةٌ لَهُمْ، سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ، إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (التوبة) وهؤلاء هم الذين أشربوا حب الإيمان.

وقد ذكر سبحانه وتعالى أن النفاق فى داخل المدينة المنورة، وقد علم أمر الكثيرين منهم، وأحوالهم، وكادوا يعرفون باستخفافهم وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ (التوبة)

وذكر سبحانه وتعالى أن النفاق من الأعراب حول المدينة المنورة، ولقد ذكر الاثنين، فقال سبحانه وتعالى: وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ، وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ (التوبة)

[ما بين الإيمان والضعف والنفاق:]

٧٠٥- إن الإيمان فى قوة تدفع فيعمل، فأولئك هم المهاجرون والأنصار ومن اتبعوهم بإحسان، والضعف تردد وقد يتجه إلى الله تعالى فيعترف بتقصيره أو ذنبه، فيكون منه الندم، ورجاء الخير، وقد ذكرهم سبحانه وتعالى بقوله: وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً، وَآخَرَ سَيِّئاً، عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ (التوبة) وهؤلاء تطهر بعضهم التوبة والصدقات ولذلك قال تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ، وَتُزَكِّيهِمْ بِها (التوبة) وذلك لأن الصدقة تطفيء المعصية، كما يطفيء الماء النار.

وأولئك الذين لم يعترفوا بذنبهم، فى التخلف عن القتال من غير معذرة هؤلاء مرجئون إلى رحمة الله تعالى إما أن يعترفوا، ويتوبوا كإخوانهم ممن تخلفوا من غير معذرة تسوغ التخلف، وإما أن يستمروا فى غيهم يعمهون، وهؤلاء يعذبهم الله بذنوبهم، ولقد قال الله تعالى: وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ، وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ، وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (التوبة)

ولقد ذكر سبحانه من بعد ذلك أن المنافقين فى المدينة المنورة الذين مردوا على النفاق لم يكتفوا بالقعود عن الجهاد. وتثبيط المؤمنين عنه، بل تعدوا وأرادوا التفريق بين المؤمنين، فأنشأوا مسجدا لا ليقيموا فيه الصلوات، بل ليكون وكرا لهم، وليجروا فيه خياناتهم، واتصالاتهم بأعداء الإسلام من الرومان، وليفرقوا بين

<<  <  ج: ص:  >  >>