النبى صلّى الله عليه وسلّم مع صاحبه إلي الهجرة وطريقهما:
٣٢٤- كان أبو بكر يريد الهجرة كما هاجر أصحاب النبى صلّى الله عليه وسلّم، فكلما هم بالهجرة قال له النبى صلّى الله عليه وسلّم لا تعجل. ويقول ابن إسحاق: استأذن أبو بكر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فى الهجرة، فى الهجرة، فقال له:«لا تعجل لعل الله أن يجعل لك صاحبا» وقد طمع أبو بكر أن يكون رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، إنما يعنى نفسه، ولقد عظم ذلك الظن فى نفسه، فابتاع راحلتين، فحبسهما فى داره، يعلفهما إعدادا لذلك، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يأتى كل يوم إلى بيت أبى بكر فى طرفى النهار إما بكرة، وإما عشية، كما تروى عائشة رضى الله تعالى عنها، وتقول: حتى إذا كان اليوم الذى أذن فيه للنبى بالهجرة، والخروج من مكة المكرمة من بين ظهرى قومه أتانا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالهاجرة فى ساعة كان لا يأتى فيها، فلما راه أبو بكر، قال: ما جاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فى هذه الساعة إلا لأمر حدث.... قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم لأبى بكر: إن الله قد أذن لى فى الخروج والهجرة، فقال أبو بكر: الصحبة يا رسول الله، قال رسول الله: الصحبة» .
قالت راوية الخبر: فو الله ما شعرت قط قبل ذلك اليوم أن أحدا يبكى من الفرح، حتى رأيت أبا بكر يومئذ يبكي، ثم قال: يا نبى الله، إن هاتين راحلتان كنت أعددتهما لهذا.
كان هذا فى الليلة التى أعلم الله نبيه صلّى الله عليه وسلّم بما يأتمر به القوم، وأذن لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فلما خرج، وقد غشى الله تعالى على أبصارهم كانت الرحلة الشاقة، وكانت الهجرة المباركة، وقد أخذت لها الأهبة، وأعدت لها العدة.
عندما أخبر الرسول صلّى الله عليه وسلّم أبا بكر بإذن ربه له بالهجرة، وأخبره عليه الصلاة والسلام بالصحبة تجمعهما، قال الصديق:«يا نبى الله إن هاتين راحلتان كنت أعددتهما لهذا»
وقد استأجر أبو بكر عبد الله بن أريقط، وكان لا يزال على الشرك، وأبوه من بنى بكر، وأمه من بنى سهم بن عمرو، قد استأجره أبو بكر ليكون دليلهما فى الرحلة، وقد دفع إليه أبو بكر الراحلتين، فكانتا عنده يعدهما ويرعاهما حتى يحل ميعاد الخروج عليهما، ويروى أنه أهدى فضلاهما لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فسأله الرسول عليه الصلاة والسلام عن ثمنها، فذكره، وقال هى لك.
وكان الميعاد بينهما وخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هو وأبو بكر، خرج من خوخة لأبى بكر فى ظهر بيته. وذلك للإمعان فى الاستخفاء حتى لا تتبعهما قريش، وتمنعهما من تلك الرحلة المباركة، وقد اتعدا مع الدليل على أن يلقاهما فى غار ثور بعد ثلاث ليال.