وإن الإرسال تدل عباراته وما أحاط به علي أنه ما كان للقتال وإن كان علي المقاتل الأول، إنما كان للتعليم، وتفقيه الناس في دينهم الذى ارتضوه.
[بعث معاذ بن جبل]
٦٩٢- عندما بعث النبي صلى الله تعالى عليه وسلم معاذ بن جبل إلي اليمن بعث أيضا أبا موسي الأشعري، قال البخاري بسنده، بعث النبي صلى الله تعالى عليه وسلم معاذ بن جبل إلى اليمن وأبا موسي الأشعري، وبعث كل واحد علي مخلاف، واليمن مخلافان ثم قال: يسروا ولا تعسروا، وبشروا، ولا تنفروا.
وانطلق كل واحد منهما إلى عمله، وكان كل واحد منهما إذا سار في أرضه وكان قريبا من صاحبه سلم عليه، فسار معاذ في أرضه قريبا من صاحبه أبى موسي فسلم، فجاء يسير علي بغلته حتي انتهي إليه، فإذا هو جالس، وقد اجتمع الناس إليه، وإذا رجل عنده قد جمعت يداه إلي عنقه، فقال معاذ يا عبد الله بن قيس أثم هذا؟ قال هذا رجل كفر بعد إسلامه فقال لا أنزل حتي يقتل، قال أبو موسي، إنما جئ به لذلك فانزل؟ قال ما أنزل حتي يقتل، فقتل.
سقنا ذلك الخبر من البخاري للدلالة على أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم اختار من فقهاء صحابته لتعليم الناس في اليمن وغيره أمور دينهم، ويدعوهم إلي الإسلام.
ولا بد أن يذكر فى هذا المقام أن معاذا رضي الله تعالى عنه قد بعث مزودا بمقاتلين، ليبدأ بالدعوة إلي الإسلام فإن أسلموا علمهم الإسلام، واقتصرت بعثته علي التعليم والهداية.
وإن كانت الآخرى قاتل.
وقد روي السرخسى في مبسوطه في السير الصغير وصية لرسول الله صلي الله تعالى عليه وسلم أوصي بها معاذا عند قدومه علي اليمن ومعه مقاتلون وهذا نص الوصية.
«لا تقاتلهم حتي تدعوهم، فإن أبوا فلا تقاتلوهم حتي يبدأوكم، فإن بدأوكم فلا تقاتلوهم حتي يقتلوا منكم قتيلا، ثم أروهم ذلك القتيل، وقولوا لهم: «هل إلي خير من سبيل، فلأن يهدي الله تعالي على يديك رجلا واحدا خير لك مما طلعت عليه الشمس وغربت»«١» .