فقد قالوا أنه قتل مرداس بن نهيك حليف بنى مرة، وقال عندما علاه بالسيف: لا إله إلا الله. فلامه الصحابة على ذلك، حتى سقط فى يده وندم على ما فعل.
ولما قدموا على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، فقال له: يا أسامة من لك بلا إله إلا الله؟
فقال: يا رسول الله إنما قالها تعوذ بها من القتل. قال: فمن لك يا أسامة بلا إله إلا الله، فوالذى بعثه بالحق مازال يرددها حتى تمنيت أن ما مضى من إسلامى لم يكن، وإنى قد أسلمت يومئذ ولم أقتله، وقال:
إنى أعطى الله عهدا ألا أقتل رجلا، يقول لا إله إلا الله أبدا.
مضى غالب بن عبد الله بما معه يقتص من الذين قتلوا المؤمنين، وتتبعهم حتى خضد شوكتهم، وولوا الأدبار ولم يعد لهم قوة فى الأرض يستطيعون أن يعيثوا بها فى الأرض فسادا.
وكان مع رحلة غالب هذا فى البلاد يتتبع جيوب اليهود، حتى صار على مقربة من مكة المكرمة وقد طهر كل جيوب اليهود، وأدب الأعراب حتى استقامت أمورهم.
[سرية أبي حدود]
٥٦٢- كان لا يزال فى الجزيرة العربية من بقايا خيثم وغيرها من يحاول محاربة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بعد أن ظهر نور الإسلام فى البلاد العربية، وبدأ قويا يحملهم على التفكير السليم فى العقيدة، وإن لم يكن لتطهير العقول من رجس الوثنية، فاتقاء لسوء المغبة.
بلغه عليه الصلاة والسلام أن رجلا له مكانة فى قومه من خيثم يريد أن يجمع قيسا على محاربة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، فبعث أبا الحدود، ورجلين من المسلمين، وقال لهم عليه الصلاة والسلام: «اخرجوا إلى هذا الرجل، حتى تأتوا منه بخبر وعلم» .
وأركبهم على ناقة عجفاء، وقال: تبلغوا على هذه.
خرج الرجال الثلاثة ومعهم سلاحهم، وتحسسوا أمر ذلك الرجل، فوجدوه يجمع من يجمع من الناس، أو على استعداد لأن يجمع، فقتلوه بسهم أصاب فؤاده، وانتهى أمره.
واستمر أبو الحدود فى سريته حتى بعثه رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إلى أضم، ونزلوا بطنه وقد مر رجل اسمه عامر بن الأضبط النخعى، فألقى السلام، فقتله رجل من المؤمنين اسمه مجشم ابن جثامة لعداوة كانت بينهما مع أنه ألقى السلام، إذ جاء غير مقاتل، ولا مريد للقتال.
وقد حدثت أمور فى هذه السرية الصغيرة دلت على مباديء سامية فى الإسلام.