وكانوا في سبيل ذلك يسألون النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أسئلة معنتة لا لتتبين نبوته صلى الله تعالى عليه وسلم، بل يرجون من توجيه هذه الأسئلة ألا يجيب النبى صلى الله تعالى عليه وسلم عن بعضها، فيتخذوا ذلك ذريعة للتشكيك، وإلقاء الريب في قلوب المؤمنين، ولنذكر شيئا من هذه المحاولة.
[ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتى هى أحسن]
٣٩٨- جادلهم النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بالتى هى أحسن، وهو يعلم أنهم يريدون الكيد بالمسلمين وإلقاء الرعب في قلوبهم، رجاء أن يجدوا ثغرة في الرسالة يطيرون بها فرحا، ولكن الله سبحانه وتعالى أمر النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بأن يجادلهم، فقال الله سبحانه وتعالى وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ (النحل- ١٢٥) . لأن ذلك سبيل من سبل الدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة.
كانوا يسألون، والنبى صلى الله تعالى عليه وسلم يجيبهم بما آتاه الله سبحانه وتعالى من علم القرآن الكريم والحكمة، فيرد كيدهم في نحرهم، وتثبت الرسالة المحمدية، ويذهب ريب كل مرتاب.
لقد سألوه متى تقوم الساعة، وهم يعلمون من علم الكتاب أن الساعة لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالي، ولكنهم سألوا السؤال، وهم يعلمون الإجابة، فيشككون في أمر البعث الذى يجادل فيه المشركون، وقد حكى الله سبحانه وتعالى السؤال والجواب الحكيم الصادق، فقال الله سبحانه وتعالى:
ولقد كانت صيغة السؤال من بعضهم توميء بالتشكيك في الرسالة، فقد قال قائلهم: أخبرنا متى تقوم الساعة، إن كنت نبيا كما تقول.
فأمره الله سبحانه وتعالى بأن يجيب ذلك الجواب الصادق، ولو كان السؤال ممن لا يؤمن لأن ذلك هو الحق، والحق أحق أن يتبع.
وسألوه عن الروح، ليعنتوه أيضا، وليلقوا بالريب في نفوس المؤمنين فأمره الله سبحانه وتعالى بأن يقول أنها من أسرار هذا الوجود الذى لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالي، فقال الله سبحانه وتعالى في السؤال والجواب وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ، قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي، وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (الإسراء- ٨٥) .