للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعض العلماء يقول إن كلمة في سبيل الله تشمل كل ما يكون من المنافع العامة، مثل إنشاء الجسور وتعبيد الطرق، وقد قال ذلك القفال الشاسي، على أن يدخل ذلك في المصرف الثامن، لا أن تدخل فيه كل المصارف السابقة، كما فهم بعض الذين يحاولون تعطيل تلك الفريضة الشرعية وهى فريضة الزكاة.

[المعاقل والديات]

٤٠١- ذكرنا أنه في الفترة بين الغزوتين الكبيرتين كان إصلاح اجتماعى عملى واسع النطاق، قبل غزوة بدر كان الإصلاح النفسى بالصلاة والصوم، والاجتماعى المحدود، بصدقة الفطر، وما كان الإصلاح النفسى إلا لتتألف النفوس بالقرب من الله سبحانه وتعالي، والشعور بجلاله وعظمته، فمن قرب من الله رحم عباد الله، ومن رحم عباد الله ائتلف معهم، وكان معهم قوة مصلحة، رافعة دعائم الحق والخير.

وكانت الزكاة من بعد ذلك إصلاحا عمليا يؤخذ بقوة الحاكم الذى يستمد السلطان من الله سبحانه وتعالى لا بمجرد الرغبة والاختيار، وإن الثواب على مقدارهما.

وكانت هذه الفريضة من دعائم المدينة الفاضلة.

ولكن المدينة الفاضلة يجب أن تكون فيها الزواجر الاجتماعية التى تحمى الفضيلة، لأن فضيلة الإسلام إيجابية، فيجب أن يكون لها من القوة ما تدفع به الرذائل.

وكما أن القوة الحربية في الدولة لحمايتها من الاعتداء، فالزواجر الاجتماعية من الحدود والقصاص هى القوة التى تحارب بها الرذائل.

ولقد ذكر ابن جرير الطبرى أنه في السنة الثانية من الهجرة شرعت المعاقل أى الديات، وإذا كانت الديات والمعاقل قد شرعت، فإنه قد شرع القصاص في النفس وفي الأطراف- وذلك لأن الديات قصاص معنوي، عند عدم استيفاء القصاص صورة، ومعنى بالقتل قصاصا أو قطع الأطراف.

فالقصاص قد شرع وجوبه في السنة الثانية، إذ نزل قول الله سبحانه وتعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى، الْحُرُّ بِالْحُرِّ، وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ، وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى، فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ، وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ، فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ. وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ، يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (البقرة- ١٧٨: ١٧٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>