للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد أخذ صلى الله تعالى عليه وسلم يحرض على القتال استجابة لقول الله سبحانه وتعالى:

يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ (الأنفال: ٦٥) فقال عليه الصلاة والسلام: والذى نفس محمد بيده، لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرا محتسبا غير مدبر إلا دخل الجنة. هذا بعض تحريض رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم. وتحريض الله تعالى كان أقوى من ناحية التحذير فقد قال الله سبحانه وتعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً، فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ. وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ، فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (الأنفال- ١٥، ١٦) .

وإذا كان تحريض النبى صلى الله تعالى عليه وسلم تبشيرا، فتحريض الله سبحانه وتعالى كان تحذيرا، فالأوّل بين عاقبة الخير إن أقدموا. وكلام الله سبحانه وتعالى يبين العاقبة السوء إذا فروا أو أحجموا.

[القيادة والتنظيم]

٣٨١- كانت القيادة حكيمة، وكانت رحيمة، وكانت حازمة، وكانت قوية، فكان عليه الصلاة والسلام أسوة حسنة لقائد الحرب العادلة، كما هو أسوة حسنة للمؤمنين في عمله وخلقه وسننه وقد قال الله سبحانه وتعالى لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ (الأحزاب- ٢١) .

(أ) وأوّل مظاهر قيادته الحكيمة المرشدة، أنه كان وسط الجند في القتال، فلم يكن بعيدا عنهم، بل كان يشرف عليهم ويوجههم، ويشترك في شدائد الحرب، كما يشترك في ثمراتها، سواء أكانت حلوة أم كانت مرة.

روى عن على رضى الله تبارك وتعالى عنه أنه قال: «كنا إذا اشتد الخطب، وحمى الوطيس واحمرت الحدق اتقينا برسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، فما يكون أحد أقرب إلى العدو منه، ولقد رأيتنى يوم بدر، ونحن نلوذ برسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، وهو أقرب إلى العدو» ، فالنبى القائد كان في المعركة ولم يكن بمنأى عنها، بنى له أصحابه عريشا، ويظهر أنه لم يستقر فيه إلا بالقدر الذى أشرف به على الجيش، وحرك الجند، ليتبعوا نظامه.

ولقد رأينا من بعد قوادا مسلمين اتبعوا هديه، كصلاح الدين الأيوبى الذى كان يعيش في جيشه، وقطز الذى كان جنديا مع الجنود. فكان النصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>