وإن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم ولى كل مؤمن صادق الإيمان، كما قال تعالى: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فكل مؤمن ولى للنبى صلى الله تعالى عليه وسلم، ويصح أن يقال ذلك عن المؤمنين جميعا بأنهم أولياء النبى صلى الله تعالى عليه وسلم.
ومهما تكن قوة هذه الاستدلالات، فإنه من المؤكد أنها تدل على فضل محبة النبى صلى الله تعالى عليه وسلم لعلى كرم الله وجهه وأنه يجب على كل مؤمن يحب الله ورسوله صلى الله تعالى عليه وسلم أن يحبه، لأنهما يحبانه كما جاء فى غزوة خيبر، ولقد ذكرت ذلك عائشة رضى الله تعالى عنها، فإنه عندما بلغها مقتله، وقفت على قبر الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم تقول:
جئت أنعى حبيبك المرتضى، وصفيك المجتبى، وأحب أصحابك إليك، جئت أنعى إليك على ابن أبى طالب.
فعلى كرم الله وجهه هو الحبيب للنبى صلى الله تعالى عليه وسلم، وهذا كاف لرفع منزلته ومحبته ولعن كل من ينال منه أو يلعنه.
[تنبيهان لا بد منهما:]
٦٩٧- التنبيه الأول:
نقف هنا وقفة قصيرة ننبه فيها إلى أمر جدير بالتنبيه، وهو أننا نقلنا عن الحافظ ابن كثير وغيره من رواة السيرة أن الذين ليس لهم عهد مقيد محدود يؤجلون أربعة أشهر حتى يبلغوا مأمنهم، وإنه بتتبعنا وتبصرنا للآيات الكريمة وجدنا أن هذه الأشهر الأربعة هى الأشهر الحرم، لأنه ذكر بعد ذلك فى الآيات الكريمة ما يدل عليها، فقد قال سبحانه بعد ذلك: فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ، فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ، وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ، وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ وإن ذلك يبين أن الأشهر التى ذكرت فى قوله تعالى:«فسيحوا فى الأرض أربعة أشهر» ذكرت غير معرفة، ثم عرفت بعد ذلك بذكر أربعة الأشهر معرفة، ومن المقررات النحوية أنه إذا أعيدت النكرة معرفة كان ذلك تعريفا لها.
وإنا نرجح ذلك، والله أعلم بمراده.
[التنبيه الثاني:]
أنه قرر أن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم كان يريد الحج عقب غزوة تبوك، ولكنه كره أن يحج مع المشركين، إذ كان منهم من يحج عريانا وقد زادوا أمورا جاهلية على سنة إبراهيم عليه الصلاة والسلام فى الحج، ولقد جاء ذلك فى تاريخ الحافظ بن كثير، فقد قال عن مجاهد: براءة من الله ورسوله إلى أهل العهد خزاعة ومدلج ومن كان له عهد أو غيرهم فقفل رسول الله صلى الله