للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وخلاصة عقد الذمة أنه تضمن:]

أولا: أنه لا يهدم لهم بيعة، ولا يمنع منهم قس من أداء شعائرهم الدينية، ولا يفتنون فى دينهم ما لم يحدثوا أحداثا يكون من شأنها نقض التزامهم.

وثانيا: أن يلتزموا أحكام المعاملات المالية الإسلامية، بحيث لو ثبت أنهم يأكلون ربا الجاهلية ترد عليهم ذمتهم لأنهم نقضوها.

ثالثا: أن يلتزموا بأحكام الحدود والقصاص، بحيث يجرى عليهم ما يجرى على المسلمين فيها على سواء، وقد أخذ من نصارى نجران الجزية من الثياب، أخذها منهم مجتمعين على قسطين الأول فى صفر، وكان ألف حلة، وفى رجب ألف مثلها إلى آخر العام أو إلى نهاية المحرم.

وللمسلمين أن يأخذوا على وجه العارية ثلاثين درعا يدرعون به، وثلاثين فرسا، يحاربون عليها، أو بعبارة عامة ثلاثين من كل صنف من أصناف السلاح يغزو بها المسلمون، والمسلمون ضامنون لها حتى يردوها عليهم.

ولم تكن الجزية مقيدة بجنس، بل تصح بالدنانير والدراهم، كما تصح بالثياب، على حسب ما يقدرون عليه، وعلى حسب حاجة المسلمين إليه.

وإن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم لما أرسل معاذ بن جبل ليجمع الجزية أمره أن يأخذ من كل رجل بلغ الحلم دينارا.

ولم يفرضها على النساء والعبيد والمرضى، بل فرضها على القادرين دون المؤمنين والعاجزين، وإن الجزية كانت تؤخذ من نصارى العرب، إلى أن أجلى عمر بن الخطاب النصارى عن الجزيرة العربية نفسها، وإن بقى بعضهم فى أطرافها كاليمن، فكانت تؤخذ منهم الجزية كما تؤخذ من اليهود المقيمين بها، ولم يغادروها إلى داخل الجزيرة.

ونلاحظ فى الجزية التى أمر بها الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم أمورا ثلاثة:

أولها: أنها لم تكن معينة فى جنس، بل كان يعين على أساس التيسير عليهم، فكانوا تتيسر عليهم الدنانير فهى الأصل فى التقدير، وإن لم تتيسر الدنانير وتيسرت الثياب أو غيرها أخذ مما يتيسر عليهم أداؤه.

ثانيها: أنها ليست المقدار فى الجماعة. بل تنقص وتزيد على حسب حاجة المسلمين، وقدرة من يعطونها.

وثالثها: أنها تسقط أو تدفع جملة على حسب طاقة الدافعين من غير إفراط ولا تفريط.

<<  <  ج: ص:  >  >>