للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حروب في الفترة بين الغزوتين الكبيرتين]

٤٠٣- بعد غزوة بدر الكبرى كان الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم يتعرف ما حوله من القبائل، ويسير إليهم، فبعد سبع ليال من قفوله إلى المدينة المنورة كما قال ابن إسحاق اتجه إلى بنى سليم، فذهب إليهم، وبلغ ماء من مياههم اسمه المكدر، فأقام ثلاث ليال متعرفا أحوالهم وبيئتهم ثم عاد، ولم يلق كيدا وأقام بالمدينة المنورة، وكان ذلك في شوال من السنة الثانية للهجرة، وتسمى غزوة المكدر.

وقد كانت من جولات النبى صلى الله تعالى عليه وسلم في القبائل يتعرف أحوالهم، ويعرف من يلقاه بالدعوة الإسلامية، فهذه تسميتها بالغزوة هى وأشباهها، لا يعنى الحرب، ولكن هى نشر الدعوة، والاستعداد لما يكون من بعد.

وكان كلما خرج خرجة من هذا النوع وغيره، أقام في المدينة المنورة من يخلفه عليها، ولا يختص أحدا دون غيره.

[غزوة السويق]

٤٠٤- فى ذى الحجة كانت غزوة السويق:

وسببها أن رجوع فلول جيش قريش المهزوم قد أرث حقد كبراء قريش الذين بقوا من معاندى النبوة ومحاربى الدعوة المحمدية إلى التوحيد، وهجر الأوثان، وعبادة الرحمن وحده.

وأخص من تألم منهم أبو سفيان الذى آلت إليه زعامة الشرك بعد أبى جهل، وعقبة بن أبى معيط، وقد كان أظهر قواد المشركين في بدر.

نذر أبو سفيان ألا يمس الماء رأسه من جنابة حتى يغزو محمدا عليه الصلاة والسلام، وقد كانت رهبة من المسلمين شديدة إثر الهزيمة المنكرة التى منى بها قومه، وقتل الأشياخ منهم، فأورثهم ذلك فزعا وخوفا مع الرغبة الشديدة في الانتقام.

ومع هذه الحال أراد التحلة من يمينه، فخرج في مائتى راكب من قريش، فسلك الطرق النجدية، فنزل بصدر قناة إلى جبل يقال له «يثب» يقرب من المدينة المنورة ثلاثة فراسخ، ولكنه لم يتجه إلى أحد من المسلمين حتى يتصل بيهود بنى النضير الذين كانوا يجاورون النبى صلى الله تعالى عليه وسلم في المدينة المنورة، وقد علم ما كان يسكن نفوسهم من إحن وبغض للمسلمين مع العقد الذى بينهم، ويظهر أنهم كانوا معهم على مودة كونتها عداوة المسلمين عامة، وعداوة النبى صلى الله تعالى عليه وسلم خاصة.

<<  <  ج: ص:  >  >>