عليه وسلم قد اختاره، وأنه مع ذلك ترك الناس أحرارا يختارون من أنواع الحج الثلاثة ما يكون أسهل عليهم، فمن ساق هديا يختار القران إن أراد، ومن لم يسق وأهل بالعمرة، لم يسق هديا، فقد اختار التمتع، ومن أهل بالحج ابتداء، فقد اختاره ولا يسوق هديا.
وقد كان المسلمون الذين صحبوا النبى صلى الله تعالى عليه وسلم فى حجته منهم من اختار القران، ومنهم من اختار التمتع، ومنهم من اختار الإهلال بالحج، ولا حرج ما دام يختار ما يستطيعه، ولا يشق عليه.
وما يروى من أن عمر اختار للمسلمين الإفراد فى خلافته، لم يكن ذلك إلزاما، وكيف يلزم مؤمن المسلمين بغير ما ألزمهم به الله ورسوله صلى الله تعالى عليه وسلم، ولم يعرف عنه أنه وضع عقابا على من قرن أو تمتع، وكيف ذلك وابنه عبد الله لم يوافقه، ولكن عمل عمر كان رأيا.
وهو رأى له وجهه، وهو ألا يخلو البيت الحرام من زواره.
[دعاؤه صلى الله تعالى عليه وسلم فى عرفة:]
٧١٤- لقد كان النبى صلى الله تعالى عليه وسلم كثير الدعاء فى حجه، لأنه فى ضيافة الرحمن وفى أرض الله، ففى كل منسك من مناسك الحج كان يدعو الله تعالى، ولقد كان يدعو عندما أهل بالعمرة والحج، وكان يدعو فى طوافه، وفى سعيه، ويدعو فى عرفة وفى الشهر الحرام.
ولقد روى عن على رضى الله عنه أن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم كان دعاؤه على عرفة فى الموقف: اللهم لك الحمد كالذى نقول، وخير مما نقول، اللهم لك صلاتى ونسكى ومحياى ومماتى، أعوذ بك من عذاب القبر ووسوسة الصدر، وشتات الأمر، اللهم إنى أعوذ بك من شر ما تهب به الريح.
وروى عن على أن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم دعا أيضا فقال على:«إنه دعانى يوم عرفة أن أقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللهم اجعل فى بصرى نورا وفى سمعى نورا، وفى قلبى نورا اللهم اشرح لى صدرى ويسر لى أمرى اللهم إنى أعوذ بك من وسواس الصدر وشتات الأمر، وشر فتنة القبر، وشر ما يلج فى الليل، وشر ما يلج فى النهار، وشر ما تهب به الرياح، وشر بوائق الدهر» .