للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خيبر، فمعناه لا يخرج عنه، لأن جماعة المؤمنين كانوا جميعا مجاهدين أو يتامى أو أبناء سبيل أو مساكين، ولكل حظ، وكان أولئك معروفين فى المدينة المنورة. فلما اتسعت رقعة الدولة كان الخراج موزعا على مصالح المسلمين، وسد حاجة المحتاجين بشكل عام.

[صلح تيماء]

٥٣٧- بما كان فى خيبر ووادى القرى انتهت قوة اليهود العسكرية فى بلاد العرب، ولكن بقى فيها ناس لم يخضعوا لحكم الإسلام وسلطانه، ويكونون تابعين له من غير أن يضاروا فى دينهم، ولا يرهقوا فى عقائدهم وهم يهود تيماء، وكانت على مقربة من الشام ولم يعتبر الإمام عمر رضى الله عنه أرضهم من أرض العرب التى لا يجتمع فيها دينان.

وأهل تيماء من اليهود عندما علموا ما نزل بخيبر ووادى القرى، وما سامحهم فيه النبى صلى الله تعالى عليه وسلم من معاملة عندما علموا ذلك لم يريدوا قتالا، وجاؤا ودفعوا الجزية، وصالحوا النبى صلى الله تعالى عليه وسلم عليها، وجزيتهم كانت جزية على الأرض وهو الخراج، وجزية على الرؤس على ما هو مبين فى كتب الفقه، وإعطاء الجزية إقرار بخضوعهم لحكم الإسلام على أن يكون لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم من أحكام القصاص والحدود، وسنتكلم بعد ذلك فى الأحكام الشرعية التى أخذت من أقوال النبى صلى الله تعالى عليه وسلم فى غزوة خيبر، وما جاء بعدها، فإنا لا نترك ذلك، ولكن أخرناه حتى ننتهى من القتال والحرب والتسليم وشروطه.

[إجلاء عمر لليهود]

٥٣٨- أجلى عمر بن الخطاب اليهود، يهود خيبر ووادى القرى الذين يسكنون فى الجزيرة العربية عملا بقول النبى صلى الله تعالى عليه وسلم: «لا يجتمع فى جزيرة العرب دينان» .

ولكنه لم يجل أهل تيماء، لأن أرضهم لم تكن فى داخل الجزيرة، بل كانت فى أطراف الشام، وهم قد قبلوا أن يكونوا ذميين لهم ذمة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، ولم ينقض أحد منهم ذمة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، وهم لم تفتح أرضهم عنوة، بل كانت صلحا، فلم تكن ثمة مشابهة بينهم وبين خيبر ووادى القرى، والحديث النبوى لا ينطبق عليهم، لأنهم كانوا فى طرف الشام الذى يصاقب جزيرة العرب، وبذلك جمع عمر رضى الله عنه بين المحافظة على عهد النبى صلى الله تعالى عليه وسلم ومصلحة المسلمين، جزاه الله تعالى عن الإسلام خيرا.

<<  <  ج: ص:  >  >>