الإفك مع أنها الضرة التى كانت تناصى عائشة رضى الله عنهما المنزلة عند رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، وكان قد نزل حد القذف من قبل.
وهنا يرد سؤال: إن الذين تحدثوا حديث الإفك كانوا أكثر من ثلاثة، فقد تناول القول به غير ثلاثة، بل إن أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها قالت: إن الذى تولى كبره عبد الله بن أبى، فلماذا لم يقم الحد، إلا على هؤلاء الثلاثة.
ونقول في الجواب عن ذلك أن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم ذكر أن هؤلاء قد صرحوا بالرمى ويظهر أنه قام الدليل على أنهم تكلموا، ولم يقم الدليل على غيرهم.
ولكن أم المؤمنين عائشة قالت إن الذى تولى كبره رأس المنافقين فكيف لا يحد، وهو الآثم الأوّل.
ونقول في الجواب عن ذلك أنه بلا ريب هو الذى تولى كبر هذا، بالتنبيه على ما يسهل على غيره الرمى، من غير أن يصرح بالرمى، ويدس الخبر في الناس بلحن القول من غير تصريح، فيحمل الناس على أن يتكلموا، وهو لا يظهر الكلام إلا بين خاصته الذين يشيعون الإفك بتوجيه الأذهان إليه من غير أن يصرحوا، فهم يوعزون بالقول، ولا يظهرون، ويدفعون غيرهم، ولا يتكلمون، وتلك حال المنافقين يستترون ولا يتكلمون، وبذلك تتحقق في غيرهم شروط إقامة الحد، ولا تتحقق فيهم، والله أعلم.
والقذف هو الرمى بالزنى، سواء أكان رميا للرجل أو المرأة.
[حد اللعان]
٥٠١- واللعان نزل عقب بيان حد القذف وقبل حديث الإفك، وحد القذف سببه رمى الرجل أو المرأة بالزنا إذا لم يكن بينهما عقد زواج، أى يكون المقذوف ليس زوجا للقاذف.
أما اللعان فإنه يكون عند ما يرمى الزوج زوجته، واللعان أن يحلف الزوج الرامى أربع مرات أنه صادق فيما يرمى به زوجته من الزنا أو نفى الولد منه، والخامسة أن لعنة الله تعالى عليه إن كان من الكاذبين، فالحلف تضمن سلبا وإيجابا، والإيجاب كان بالحلف على وقوعه، والسلب كان بالحلف باستحقاق لعنة الله إن كان كاذبا.
وقد ثبت بقوله تعالى بعد آية حد القذف: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ، فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ. وَالْخامِسَةُ