للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[غزوة بنى النضير]

٤٤٤- أشرنا إلى أن غزوة أحد، والظن بأن المسلمين هزموا فيها أظهر حقدا دفينا، فى المنافقين واليهود، وما كانوا يترددون في إعلانه رهبة وخوفا أظهروه حقدا وطمعا.

ولما توالى الغدر بالمؤمنين لم يكن ليكف اليهود والمنافقين عن أن يقوموا بدورهم في الغدر، وهم على مقربة من المؤمنين، فهم أقدر، وغدرهم أنكى، لذلك أخذ النبى صلى الله تعالى عليه وسلم حذره منهم، وكان يترصد حركاتهم، وغدر غيرهم كان إرهاصا بغدرهم، وإظهار ما تنطوى عليه نفوسهم، وبدا غيظهم في أفواههم وغدرهم ظهر في بعض أعمالهم.

قتل عمرو بن أمية الضمرى اثنين قد أعطاهما الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم جواره، وكان القتل خطأ، فقال النبى صلى الله تعالى عليه وسلم لأدينّهما، أى لأدفعن إلى أهلهما الدية.

وكان الاتفاق الذى تم العهد عليه عند ما قدم النبى صلى الله تعالى عليه وسلم إلى المدينة المنورة أن يتعاونا في أداء الديات.

ذهب النبى صلى الله تعالى عليه وسلم إلى يهود بنى النضير، ومعه أبو بكر وعمر وعلى ليستأدى ما وجب عليهم من المعاونة في دية هذين القتيلين اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضمرى خطأ.

فلانوا في القول، ولكنهم استخفوا غدرا، قالوا له: نعم يا أبا القاسم نعينك على ما أحببت مما استعنت بنا عليه.

ولاحظ النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أنه خلا بعضهم إلى بعض، وتساروا في القول، وفراسة المؤمن مدركة يقظة، وكان الذى تناجوا به غدرا، وقال بعضهم لبعض: لن تجدوا الرجل على مثل هذه الحال.

وكان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم هو ومن معه من كبار أصحابه، قالوا: فمن رجل يعلو على هذا البيت، فيلقى عليه صخرة فيريحنا منه، فانتدب لذلك عمرو بن جحاش بن كعب، وقال: أنا لذلك، وصعد ليلقى الصخرة.

رأى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم خلوتهم بعضهم ببعض وحركاتهم المريبة فأدرك أن في هذا شيئا يبيتونه، وقد رأى الغدر في يوم الرجيع وبئر معونة، فلا بد أن يكون قد تسارع ظن الغدر إليه صلى الله تعالى عليه وسلم، وخصوصا أن حركاتهم كثرت، وتأخروا عن الإجابة، وقد أعلم الله تعالى نبيه بما أرادوا من غدر، والله يكتب ما يبيتون.

<<  <  ج: ص:  >  >>