واحده، وما كانوا جاهلين بالله تعالى، بل كان فيهم بقية من ملة إبراهيم، واليهود بينهم يذكرون لهم أن رسولا فى مكة المكرمة قد بعث، فكانت الدعوة إلى الله تعالى مستجابة لا مراء فيها.
فشا الإسلام فى المدينة، قبل أن يقدم إليها النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، وقبل أن يرسل مبعوثا، يعلمهم الإسلام، ويتلو عليهم القران الكريم، حتى أن ابن إسحاق يقول بسنده المتصل، لم يبق من دور الأنصار دار إلا وفيها ذكر لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، فعلموه جميعا: علموا دعوته إجمالا، وتهيئوا للبيعة.
[العقبة الأولى أو البيعة الأولى]
٣١١- تجاوبت أصداء الدعوة المحمدية فى ربوع يثرب وتذاكروها مذاكرة من لا يتنازعون فى شرف تمسه أو عصبية جاهلية ينصرونها، ولكن تجاوب من يطلبون الحق، ومن صغت أفئدتهم إليه، ومن يرجون من الاستجابة زوال الفرقة التى تقسمهم، وتجعلهم فى حرب مستمرة، وفوق كل ذلك يريدون أن يستعلوا بها على اليهود الذى كانوا يستفتحون عليهم بأن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم سيكون مع أهل الكتاب عليهم، فهم يسارعون إليه، لأنهم يسارعون فى الحق، ولا يبغون سواه.
فلما كان موسم الحج الذى أعقب موسم اللقاء الأول، وكان التفاهم الذى رجوا فيه الخير والأمن والسلام فى حضرة النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، فى هذا الموسم جاء اثنا عشر نقيبا من الأوس والخزرج، لا لأداء الحج فقط بل لهذا، وللقاء محمد صلى الله تعالى عليه وسلم، مستجيبين له، لما قد عاقدوا العهد على لقائه، وإعطائه به المواثيق عن أنفسهم ومن وراءهم ممن بعثوهم نقباء، يتحدثون باسمهم، ويقدمون العهود والمواثيق عنهم.
وقد روى عن عبادة بن الصامت أنه قال:«كنت فيمن حضر العقبة الأولى، وكنا اثنى عشر رجلا ليبايعنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم» وكانت هذه البيعة بيانا للشرع الإسلامى فى العلاقات الاجتماعية، والأسرية، وأخذ العهد عليهم أن يقوموا بحقها، وهى جزء من الإسلام على عقيدة التوحيد، والعبادات، على أساس هذه العقيدة.
وقد ذكر عبادة بن الصامت نص هذه المبايعة، فقال: «بايعنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ليلة العقبة الأولى على ألا نشرك بالله شيئا، ولا نسرق ولا نزنى، ولا نقتل أولادنا، ولا نأتى ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا، ولا نعصيه فى معروف، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإن وفيتم فلكم الجنة،