للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجاؤا معهم بالشعراء والخطباء ليحرضوا، وليدفعوا في الجند روح البأس والقوة وحب النضال، ولم يتركوا بابا من أبواب الإعداد إلا دخلوا منه.

وكان ممن اشترك في التحريض على القتال أبو عزة عمرو بن عبد الله الجمحى، وكان قد أسر ببدر الكبرى، فمن عليه النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بغير فداء، لأنه فقير كثير العيال، على ألا يظاهر عليه، وبالتالى لا يكون لسانه للتحريض على قتال النبى صلى الله تعالى عليه وسلم.

ولكن المشركين مازالوا به حتى أخرجوه عن عهده للنبى صلى الله تعالى عليه وسلم، فقد قال له صفوان بن أمية: يا أبا عزة إنك امرؤ شاعر، فأعنا بلسانك، فاخرج معنا، فقال: إن محمد قد منّ على، فلا أريد أن أظاهر عليه، قال: بلي، فأعنا بنفسك، فلك عهد الله على إن رجعت أن أعينك في بناتك وإن أصبت أن أجعل بناتك مع بناتى، يصيبهن ما أصابهن من عسر ويسر.

خرج أبو عزة وأخذ يحرض بنى كنانة هو وغيره على أن ينضموا إلى جيش قريش ومن معهم فى قتال النبى صلى الله تعالى عليه وسلم.

ويظهر أن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم قد علم بمخرجهم، وفي كثير من الروايات أن العباس ابن عبد المطلب الذى لم يشترك في هذه الحملة أرسل إلى النبى صلى الله تعالى عليه وسلم يخبره.

وأن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم كان له فوق ذلك العيون يبثها ويتعرف أخبارهم، فيعرف عيرهم وبالأولى يعرف نفيرهم، ولكنه انتظر حتى يقع ما توقع، ويكون أمامهم وجها لوجه، وما كان له أن يلقاهم قبل ذلك في غير مأمنه، وحيث مستقره.

وقد سار جيش قريش سيرته، حتى وصل إلى المدينة المنورة، وانساب في مزارعها، تأكل وتعبث أفراس المشركين وإبلهم، متحدّين مهاجمين.

[لقاء النبى صلى الله تعالى عليه وسلم لهم]

٤١٤- كان قدوم ذلك الجيش اللجب إلى المدينة المنورة في أوّل شوال من السنة الثالثة، وكانت الغزوة في منتصفه، وروى أنها كانت في الحادى عشر منه.

وقد أخذ النبى صلى الله تعالى عليه وسلم الأهبة للقاء لا بكثرة العدد والعدة، ولكن بقوة الإيمان والحق وقوة الشورى، وبث روح التعاون، والاندماج النفسى بالشورى، فإن الشورى بين المخلصين تجعل نفوسهم تندمج، وتحس كل نفس بأنها جزء من الأنفس.

وقف عليه الصلاة والسلام بعد الصلاة بين المسلمين، وقد عاينوا، وأحس المؤمنون منهم بأن الأمر خطر، أخذ رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يستشير المسلمين قبل المعركة.

<<  <  ج: ص:  >  >>