ولا معطى لما منعت، ولا مانع لما أعطيت، ولا مقرب لما باعدت، ولا مبعد لما قربت، اللهم ابسط علينا من بركاتك ورحمتك وفضلك ورزقك، اللهم إنى أسألك النعيم المقيم الذى لا يحول ولا يزول، اللهم إنى أسألك النعيم يوم العيلة، والأمن يوم الخوف، اللهم إنى عائذ بك من شر ما أعطيتنا، وشر ما منعتنا، اللهم حبب إلينا الإيمان، وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين، اللهم توفنا مسلمين، وأحينا مسلمين، وألحقنا بالصالحين غير خزايا، ولا مفتونين، اللهم قاتل الكفرة الذين يكذبون رسلك ويصدون عن سبيلك، واجعل عليهم رجزك وعذابك، اللهم قاتل الكفرة الذين أوتوا الكتاب، إنه الحق» .
هذا الدعاء الذى رواه الإمام أحمد، قد رواه النسائى أيضا في سننه.
وهكذا دخل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم هو وأصحابه الذين يريدون الحق متجهين إلى الله تعالى لا يرضون إلا رضاه في جهادهم، واستشهادهم ورغبتهم فيما عنده، وخرج بهم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، واتجاههم إلى الله تعالى، واستووا وراءه صفوفا حامدين شاكرين، غير ناكصين، زادتهم المحنة إيمانا وتسليما، وإذعانا وتفويضا، فما ارتابوا، بل ازدادوا إيمانا ويقينا، رغبة في حمية دينية، وقوة ربانية، وما ضعفوا ولا استكانوا.
وبذلك كان التمحيص بهذه الشدة، فنفت الأخباث، وبقى الجوهر، وصقل.
وبينما المؤمنون يدعون مع النبى صلى الله عليه وسلم ذلك الدعاء كان الذين أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية، «يقولون هل لنا من الأمر من شيء ... يقولون لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا» .
ويقول لهم المنافقون الذين رأوا ضعفهم، وضعضعة نفوسهم، لَوْ أَطاعُونا ما قُتِلُوا، قُلْ فَادْرَؤُا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ.
[أعقاب أحد]
٤٣٥- بينا أن الجيش الإسلامى لم يهزم في أحد، ولم ندع أنه انتصر، لأنهم خرجوا من القتال، ولم يمكنوا المسلمين من أن يضربوهم الضربة القاصمة، بل إنهم خرجوا راضين بالجراح في شبه اختلاس لا لقاء ولما ركبوا إبلهم تأكد النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أنهم عائدون، فعاد إلى المدينة المنورة، حتى يداوى الجيش جروحه، ثم خرج إليهم في حمراء الأسد، عساه يدركهم لينال جيش الإيمان منهم.