ولكن قال أبو جعفر بن جرير رضى الله عنه في تاريخه، وعند ابن إسحاق أن هذه السرايا الثلاث كانت في السنة الثانية من الهجرة.
ونلاحظ أن ابن إسحاق لم يعين أكان في السنة الثانية أم كان في الأولي، ولكن قد يفهم ذلك لأنه ذكرها بعد غزو النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أولى غزواته، وكانت في ودان، وهى كانت في صفر من السنة الثانية، وقد صرح بذلك ابن إسحاق، وذكر بعدها السرايا الثلاث، وإذا كانت الأحداث ترتب في الذكر بترتيب زمنها، فإنه تكون هذه السرايا في السنة الثانية، ولكن نلاحظ أن ابن إسحاق في سيرته يتكلم في بعض الوقائع في غير وقت وقوعها. لمناسبة اقتضت ذكرها في غير أوانها.
وعلى فرض أن ابن إسحاق يعد هذه السرايا في السنة الثانية، فإن الحافظ ابن كثير رجح ما قاله الواقدى، ويقول:«والواقدى رحمه الله عنده زيادات حسنة، وتاريخ محرر غالبا، فإنه من أئمة هذا الشأن الكبار، وهو صدوق في نفسه، كما بسطنا القول في عدالته وجرحه في كتابنا الموسوم بالتكميل في معرفة الثقات والضعفاء والمجاهيل، ولله الحمد والمنة»
٣٥٠- وهناك ملاحظة أخرى غير ملاحظة الزمن، والروايات فيه، وهى تتعلق بقريش، ومقدار استمساكها في اعتقادها.
ذلك أن الذين كانوا يخرجون لحماية عيرهم كان منهم من هو مؤمن، ولكن يكتم إيمانه، وكانوا يخرجون في متاجر قريش عساهم يجدون سبيلا لأن يلحقوا بالمؤمنين إذا كانت الهجرة قد فاتتهم عند خروج النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، فإنها لن تفوتهم من بعد، فإنه قد حدث عند التقاء سرية عبيدة ابن الحارث بن عبد المطلب بعير قريش، التى انصرف الفريقان فيها، ولم يتقاتلا، فر من قريش إلى المسلمين ابن عمرو البهرانى حليف بنى زهرة، وعتبة بن غزوان بن جابر المازنى حليف بنى نوفل بن عبد مناف، وكانا مسلمين ولكنهما توصلا بالكفار إلى المسلمين، فوصلا إلى المسلمين بطريق المشركين ليأمنا الإيذاء والشر.
[خروج النبى صلى الله تعالى عليه وسلم للجهاد]
٣٥١- أذن للنبى صلى الله تعالى عليه وسلم بالقتال، كما تلونا في الآية الصريحة بالإذن وهى قوله تعالى أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا، وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ إلى آخر هذه الآيات التى تلوناها من قبل.