للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فما كان للنبى صلى الله تعالى عليه وسلم أن يشد الوثاق وهو لم يثخن فيهم جراحا، ولم ينل منهم نيلا، بل إنهم هم الذين ارتضوا حكما معينا، والقتال من جانب المسلمين قائم، لم تعد السيوف إلى أجفانها ولا القلوب إلى جنوبها.

بل إن قتالهم امتداد لقتال الأحزاب الذين مالئوهم لم ينته، وإذا كان المشركون قد ألقى الله في قلوبهم الرعب، ففروا، فأولئك قد بقوا، وكان حقا عليهم أن يقاتلوا فما قاتلوا.

وقد يقول قائل: إن النبيين رحماء، ونقول لهم إن العدالة رحمة والقصاص حياة، ورحمة الإسلام دفع الظلم، واقتلاعه عن أساسه، والنبى صلى الله تعالى عليه وسلم قال: أنا نبى المرحمة، وأنا نبى الملحمة، والله سبحانه وتعالى عزيز حكيم.

[أحكام شرعية]

٤٧٦- قد كانت أحكام شرعية خاصة بالصلاة قد ثبتت عمليا في غزوة الأحزاب وبنى قريظة، كما كانت أحكام شرعية قد ثبتت في توزيع الغنائم بالنسبة لتقسيم أموال بنى قريظة، ولعلها أكبر أموال وزعت من الغنائم إلى هذا الوقت من الغزوات.

وبالنسبة للصلاة في غزوة الخندق عند ما هو جمت بيوت النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أخرت صلاة العصر، إلى ما بعد الغروب، فجمع صلى الله تعالى عليه وسلم بين العصر والمغرب جمع تأخير.

وقد قال الذين اتبعوا النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أن عذر الحرب مسوغ للجمع، وكثيرون من الفقهاء الذين اتبعوا ذلك جوزوا الجمع في كل عذر، وتكون الصلاة المؤخرة أداء لا قضاء.

وفي غزوة بنى قريظة، كان الجمع بين العصر والمغرب، ذلك أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في دعوتهم إلى اللحاق ببنى قريظة قال: ألا لا تصلوا العصر إلا في بنى قريظة، فقال بعضهم عزم علينا ألا نصلى حتى نأتى بنى قريظة. فإنما نحن في عزيمة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، فليس علينا إثم، وأخروا إلى وقت المساء فجمعوا بين العصر والمغرب في وقت المغرب. وطائفة من الناس صلوا احتسابا.

ولم يلم أحدا من الطائفتين، وهذا يدل على جواز الجمع جمع تأخير، ويدل على أن الخطأ مرفوع عنه الإثم، كما قال صلى الله تعالى عليه وسلم: «رفع عن أمتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» ، وكان ذلك استجابة لدعاء المؤمنين الذى حكاه الله تعالى عنهم بقوله تعالى: رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا

<<  <  ج: ص:  >  >>