للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد جاء بعد ذلك وفد جرش فأسلموا وحسن إسلامهم، وحمى لهم حمى حول قريتهم ليستغلوه، وكان يفعل ذلك مع من يسلمون من أهل البلاد ليتمكنوا من استغلال الأرض كلها، وذلك نظير أجرة أو خرج يخرجونه، والله سبحانه وتعالى أعلم.

[وفد بني الحارث بن كعب]

٦٦٧- كان يستقبل الوفود الذين يجيئون إليه مسلمين، وإن لم يكونوا مسلمين دعاهم إلى الإسلام إذا جاؤا إليه، وفى أكثر الأحيان يجيبون، وفى بعض الأحيان يجيبون بعد تردد، ومهما يكن فالإسلام يدخل ديارهم ومن شاء فليؤمن، ومن شاء فليكفر، ومن بقى على دينه ورضى أن يعيش فى ظل الإسلام عقد النبى صلى الله تعالى عليه وسلم عقد الذمة.

والنبى صلى الله تعالى عليه وسلم يتعرف القبائل وأحوالها، فمن يجىء منها دعاه إلى الإسلام، وقبل منه ما يتقدم به، وإذا تخلفت قبيلة ولم يعرف إيمانها، ولم يتبين حالها، أرسل إليها سرية فدعوها إلى الإسلام، ومن هؤلاء بنو الحارث، فأرسل خالد بن الوليد فى شهر ربيع الآخر من السنة العاشرة إلى بنى الحارث بن كعب بنجران، وأمره أن يدعوهم إلى الإسلام، قبل أن يقاتلهم يدعوهم ثلاثا، فإن استجابوا قبل منهم، وإن لم يفعلوا قاتلهم.

ذهب إليهم خالد بن الوليد، وبعث الركبان يضربون فى كل وجه، ويدعون إلى الإسلام يقولون لهم أسلموا تسلموا.

أسلم الناس، ودخلوا فى دين الله، فأقام فيهم خالد يعلمهم الإسلام، وكتب إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بذلك.

كتب إليه رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أن يقبل، ويكون معهم وفد منهم، فأقبل معه وفدهم فيهم قيس بن الحصين ذو العصبة، ويزيد بن عبد المدان وغيرهما.

قال لهم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: «بم كنتم تغلبون من قاتلكم فى الجاهلية» ؟ قالوا لم نكن نغلب أحدا؟ قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم. بلى. قالوا كنا نجتمع ولا نتفرق، ولا نبدأ أحدا بظلم، استنطقهم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم. ليعلنوا أخلاقهم، لأنه يقر هذه الأخلاق، ويريد منهم الاستمرار عليها، لأنها أخلاق إسلامية. أمرهم واحد يجتمعون ولا يتفرقون ولا يعتدون، فهم لا يحاربون.

<<  <  ج: ص:  >  >>