للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن لا يضمن أهل الإيمان أن يؤدى المشركون ما يجب عليهم إذا انفسخ الزواج بين المشركة والمسلم؛ ولذلك فرض القرآن الكريم أنهم لا يدفعون، والحكم في هذه الحال أن يؤخذ مما يجب إعطاؤه للمشركين مما أنفقوا، ويسدد للمؤمنين الذين استحقوا ما أنفقوا، ولم يؤد إليهم حقهم.

ويفهم منه أن بيت مال المؤمنين هو الذى يؤدى ما أنفق المشركون في الزيجة التى فسخت بحكم إسلام الزوج، لأن ذلك تنفيذ لحكم شرعى عام، ولأنه ما يوجبه روح العهد الذى عقد في الحديبية.

وأن المشركين يجب عليهم مجتمعين أن يؤدوا للمؤمنين ما أنفقوا في الزواج الذى فسخ للإصرار على الشرك، فإذا لم يؤد أخذ حق المؤمن من مجموع ما كان يجب على المؤمنين، هذا تفسير قوله تعالى: وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعاقَبْتُمْ، فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ مِثْلَ ما أَنْفَقُوا (الممتحنة- ١١) وقد أخذنا المعنى في تفسير هذه الآية من تفسير الحافظ ابن كثير لهذه الآيات.

وإن هذا الحكم يفيد بطريق الإشارة إلى أن سبب التفريق إن كان من جانب الزوجة يجب عليها أن ترد ما أنفق الزوج بالمعروف، وتقدير المعروف للقاضي، كما كان تقدير ذلك في عصر النبى صلى الله تعالى عليه وسلم لأمر المؤمنين. وبمقتضى تلك الإشارة: إذا أسلم زوج من لا دين لها، ولم ترض الدخول في دين كتابى أو الإسلام، فإنه يجب عليها أن ترد ما أنفق زوجها، أو ما خسر بسبب امتناعها عن الدخول في دين سماوى.

[تنبيهات:]

٥١٤- الأوّل:

أن هذه الأحكام الفقهية أخذت من نص الآية، وتفسيرها الذى يعد من التفسير بالآثار وهو تفسير الحافظ ابن كثير، ولم نرجع إلى كتب الفقه التى اختلفت فيها، ولا نقول إن هذه الأحكام منسوخة فإنا لا نعلم لها ناسخا، ولأنا نقول إن القرآن الكريم ليس فيه منسوخ وخصوصا في الأحكام الفقهية.

[الثانى:]

أن أكثر المحدثين ذكر أن هذه الآيات نزلت والنبى صلى الله تعالى عليه وسلم لم يغادر الحديبية، فقد قال أبو ثور: أنزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وهو بأسفل الحديبية حين صالحهم على أنه من أتاه منهم رده إليهم، فلما جاءه النساء نزلت هذه الآية، وأمره سبحانه وتعالى أن يرد الصداق إلى أزواجهن، وحكم على المشركين إذا جاءتهم امرأة من المسلمين (أى كانت تحت مسلم) وبقيت على شركها أن يردوا الصداق إلى أزواجهن.

<<  <  ج: ص:  >  >>