للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه الآية تدل على ثلاثة أمور:

أولها- أن المسلمة لا تجوز للكافر سواء أكان كتابيا أم كان مشركا، والكتابى كافر لا كما أوهمت كتابة المحدثين ممن لا يمحصون الحقائق، ويقولون ما يقولون مجاملة، أو موادة للنصارى الذين لا يوادون المسلمين، فالنصرانى كافر بمحمد صلى الله تعالى عليه وسلم وبما نزل على محمد صلى الله تعالى عليه وسلم، وبالوحدانية، واليهودى كافر بالقرآن الكريم وبمحمد صلى الله تعالى عليه وسلم، ووصف الله في القرآن الكريم اليهود والنصارى بأوصاف الكفر فقال الله سبحانه وتعالى: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ (المائدة- ٧٣) وقال الله سبحانه وتعالى: لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ (البينة- ١) .

والذين يجيزون زواج المسلمة بغير المسلم قد خرجوا عن إطار الإسلام، لأنهم أنكروا القرآن الكريم وأنكروا أمرا معروفا من الدين بالضرورة، وأجمع عليه المسلمون.

وتدل ثانيا على أن المسلم لا يجوز أن يتزوج مشركة، ومن كان عنده مشركة فليفارقها، وقد فهم ذلك الإمام عمر رضى الله تبارك وتعالى عنه، ففارق امرأتين كانتا تحته، وهما مشركتان، وأخذ ذلك من النهى في قوله تعالى: وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ أى لا تتمسكوا بزواج الكافرين إن كان بينكم وبينهن زواج، لأن الكوافر جمع كافرة، لا جمع كافر، إذ لا يجمع وصف العاقل الذى يكون على وزن فاعل على فواعل، ولكن تجمع فاعلة على فواعل، كفاطمة وفواطم، وقافلة وقوافل، وأريد المشركات، لأنه الذى يتفق مع إباحة الكتابيات بقوله تعالى: وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ، وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ (المائدة- ٥) .

وتدل ثالثا- على أن العدالة توجب عند فسخ الزواج بهذا الحكم الشرعي، أن يرد إلى الأزواج المشركين ما أنفقوا على أزواجهم اللائى انفسخ زواجهن بالإسلام، فيرد إليهم الصداق، لأن الفسخ كان بحكم الإسلام يعد من قبل الزوجة.

وفي مقابل ذلك من ينفسخ زواجها من المشركات بحكم إسلام أزواجهن عليهن أن يردوا إلى المؤمنين ما أنفقوا من أموال، فى هذه الزيجة، وذلك لأن امتناعهن عن الدخول في الإسلام، وقد دخل الزوج في الإسلام يعد تفويتا لحقه فوجب التعويض عما أنفق، لأن سبب الفرقة من جانبها.

وإن المسلمين يستجيبون لحكم الإسلام، فيردون ما وجب من إعطاء ما أنفق هؤلاء، لأنه مما يؤدى إليه عقد المسالمة وما تؤدى إليه العدالة التى هى خاصة الإسلام مع العدو والولى على سواء، لقوله تعالى: وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى (المائدة- ٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>