للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولعل ما قلناه هو السر فى أن عمر بن الخطاب فاروق الإسلام الذى لم يفر أحد فريه فى الإسلام، لم يكن يعامله معاملة المطمئن إليه، وإن كان يقدر مقدرته الحربية.

[إسلام عمرو بن العاص]

٥٦٨- يتشابه إسلام عمرو بن العاص مع إسلام خالد بن الوليد، وإن كان فى إسلام خالد معان توميء إلى أنه أدرك بعض معانى الوحى، بدليل ما لاحظه فى صلاة النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، وإدراكه أن الله تعالى مانع النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، وأنه غير مسلمه وإدراكه مكانة النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بين العرب والعجم، وأن شرفه هو شرف قريش، بل كانت المصلحة الدافعة أوضح فى عمرو بن العاص.

لو نذكر كيف دخل الإسلام قلبه بما حكاه الواقدى عنه.

يقول عمرو بن العاص: «كنت للإسلام مجانبا معاديا، حضرت بدرا مع المشركين فنجوت، ثم حضرت أحدا فنجوت، ثم حضرت الخندق فنجوت، فقلت فى نفسى: والله ليظهرن محمد على قريش فلحقت بمالى، وأقللت من الناس (أى من لقائهم) ، فلما حضر الحديبية رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وانصرف رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فى الصلح، ورجعت قريش إلى مكة المكرمة، جعلت أقول يدخل محمد قابلا مكة المكرمة، ما مكة المكرمة بمنزل ولا الطائف، ولا شيء خير من الخروج، وأنا بعد ناء عن الإسلام، وأرى لو أسلمت قريش كلها لم أسلم، فقدمت مكة المكرمة، وجمعت رجالا من قومى، وكانوا يرون رأيى، ويسمعون منى، ويقدموننى فيما نابهم فقلت لهم كيف أنا فيكم، فقالوا ذو رأينا، ومدرهنا فى يمن نفس، وبركة أمر. قلت تعلمون أنى والله لأرى أمر محمد أمرا يعلو الأمور علوا منكرا وإنى قد رأيت رأيا. قالوا وما هو؟ قلت: نلحق بالنجاشى فنكون معه، فإن يظهر محمد كنا عند النجاشى، ونكون تحت يد النجاشى أحب إلينا من أن نكون تحت يد محمد، وإن تظهر قريش فنحن من قد عرفوا. قالوا: هذا الرأى- قلت فاجمعوا ما نهديه له.

جمعوا أحب ما يهدى إليه وهو الأدم، وذهبوا إلى النجاشى.

ثم يقول عمرو بن العاص فى لقائه مع النجاشى، فو الله إنا لعنده إذ جاء عمرو بن أمية الضمرى وكان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قد بعثه بكتاب كتبه يزوجه أم حبيبة بنت أبى سفيان، فدخل عليه، ثم خرج من عنده، فقلت لأصحابى: هذا عمرو بن أمية الضمرى، ولو دخلت على

<<  <  ج: ص:  >  >>