للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البر الرديء بضعف البر الجيد، كان التعامل بين المالكين للبر ولا يأخذه من ليس عنده بر قط، وأنه إذا امتنع التفاضل فى مبادلة الجيد بالرديء، كان لا بد أن يأكل من ليس عنده جيد من البر ولا رديء، فإنه يلزم حينئذ أن يبيع الرديء ليشترى جيدا أو العكس، فيقع الطعام فى يد المحروم.

وأنه إن اتحد الجنس منع التأجيل ومنعت الزيادة، ويسمى التأجيل ربا النساء، ويسمى التفاضل ربا الفضل، هذا ما قاله الشافعي، وهو يتحد مع الحنيفة فى أن سبب منع التفاضل والتأجيل فى النقدين الذهب والفضة هو الثمنية، وأنها مقاييس القيم والمالية فى الأموال، فلا يصح أن تكون سلعة تباع وتشترى ويجرى فيها الاتجار، وإلا اضطراب الميزان، كما نرى الآن فى الأوراق النقدية، وما يترتب على علوها وانخفاضها من اضطراب اقتصادى.

وقالت طائفة من حذاق المالكية، أن العلة فى التحريم فى الأمور المنصوص على تحريم التفاضل والتأجيل فيها هى الطعم والادخار، بأن تكون من المطعومات، وأن تكون قابلة للادخار، فتكون من الأطعمة التى لا يفسدها الادخار كالبر والشعير والتمر، والملح، وما يشبهها من الأطعمة، والفواكه المجففة التى تدخر، كالزبيب ونحوه.

وذلك لأن كونها من الأطعمة، وقابلة للتخزين يؤدى للاحتكار الأثيم، والاحتكار من أسباب الأزمات ويزيدها حدة.

[تنبيهات:]

قبل أن نترك الكلام فى الربا الذى اقترن تحريمه بغزوة خيبر، فنزل فى إبانها، وهو ربا البيوع، لا بد أن نذكر أمورا ثلاثة هى توجيه الأنظار إلى الوقائع، وما يقترن بها، وما يجرى حولها.

أول هذه التنبيهات: هو الاجابة عما يجول فى النفس لماذا كان تحريم ربا البيوع فى خيبر؟

وتلك الإجابة.. أن فتح خيبر كان فتحا جديدا بالنسبة للعلاقات المالية التى يجرى فى ظلها التبادل المالى، فكانت فيها شرعية المزارعة والمساقاة ولم تكن تجرى كثيرا فى يثرب.

وثانيها: تحريم البيوع التى تؤدى إلى الاحتكار فى الأطعمة، وقد حرمه النبى صلى الله تعالى عليه وسلم تحريما قاطعا، فجعل أموالا معينة غير خاضعة للاتجار المطلق، لأن باب التجارة انفتح بغزوة خيبر، فكان لا بد من جعله فى إطار لا يؤدى إلى الاحتكار.

الأمر الثانى: أن الربا القوى وهو ربا الديون أو ربا الجاهلية حرام لا شك فيه لا يسع مسلما أن ينكره، أما ربا البيوع فلم يثبت إلا بالأحاديث الواردة فيه، وهى أحاديث لا تثبت قطعيا ويقينا، ولكن تثبت العمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>