الرشوة، فما أجدى ذلك فتيلا، وحاولوا الإعجاز بالجدل فارتدوا على أدبارهم خاسئين وقامت الحجة عليهم وحاولوا أن يهوشوا على القران الكريم وهو يتلي، وتعاهدوا أن يلغوا فى القران الكريم والنبى صلى الله عليه وسلم يتلو.
حاولوا كل هذا، ولم يجد شيء منه، والإسلام سائر فى طريقه، وإن كانت العقبات، فهى لا تعوق السير، وإن أبطأته، ولم يجدوا سبيلا الا إلى أمرين:
أحدهما الإيذاء المستمر لمن لا حول له ولا قوة، ولمن اثر السلام والعافية، وهذب قلبه الإيمان فاعتقد أن الإيمان يوجب عليه الصبر على البلاء، وألا يقاوم السيئة بمثلها ولو قدر عليها، وعلى رأس هذا الفريق صاحب الرسالة محمد صلى الله تعالى عليه وسلم، ومعه صديقه أبو بكر، ومع هؤلاء العبيد والفقراء الذين لا يملكون سطوة ولا عشيرة لهم.
ثانيهما: الاستعانة بمن يحسبون أن له سلطانا أدبيا على محمد عليه الصلاة والسلام وهو أبو طالب، لأنه عمه الذى كفله صغيرا وهو رأس بنى هاشم وهو الذى يحميه كبيرا.
فلما لم يجدوا واحدا من الأمرين زادوا فى الإيذاء وجعلوه جماعيا، ولم يجعلوه أحاديا فقط، ووجدوا بنى هاشم مؤمنهم وكافرهم مع محمد عليه الصلاة والسلام يحميه بأنفة العشيرة، إلا من كتب الله تعالى عليه أن يكون لهبا فى جهنم وهو أبو لهب، فقد كفر بالله، وكفر بالقرابة، وكفر بالحمية، حمية العشيرة والنصرة، وأسلم ابن أخيه، فضلّ ضلالا بعيدا.
[ايذاء الضعفاء:]
٢٥١- قال ابن اسحاق: أنهم عدوا على من أسلم، واتبع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم من أصحابه فوثبت كل قبيلة على من فيها من المسلمين، فجعلوا يحسبونهم، ويعذبونهم بالضرب، وبرمضاء مكة المكرمة إذا اشتد الحر، ممن استضعفوا منهم يفتنونهم عن دينهم، فمنهم من يفتن من شدة البلاء الذى يصيبه، ومنهم من يثبت ويعصمه الله تعالى منهم.
وقد كان المؤمنون الصادقون يعينون العبيد من المؤمنين الذين سارعوا إلى الإيمان فى أول الدعوة، ويعينون الفقراء ليصابروا الذين يؤذونهم، والنبى صلى الله تعالى عليه وسلم قد جعل كل ما كان يملكه من مال هو وزوجه خديجة لهؤلاء الضعفاء، وابتدأ محمد عليه الصلاة والسلام يخرج من المال والنشب، لكيلا يحاجزه عن الدعوة حاجز، وليكون ما عنده عونا لأهل الإيمان المستضعفين منهم.
إذن لقى العبيد أشد العنت عندما اعتنقوا دين الحرية.