للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد ذكر ابن إسحاق المباراة البيانية، أو المفاخرة الشعرية والخطابية فروى قول شاعرهم ورد حسان وذكر قول خطيبهم.

لقد قال خطيبهم حاجب بن عطارد: «الحمد لله الذى له الفضل علينا، جعلنا ملوكا ووهب لنا أموالا عظاما نفعل فيها المعروف، وجعلنا أعز أهل الشرق، وأكثره عددا، وأيسره عدة، فمن مثلنا فى الناس، ألسنا رؤوس الناس، وأولى فضلهم، فمن فاخر، فليعد مثل عددنا، فلو شئنا لأكثرنا من الكلام، ولكن نستحى من الإكثار لما أعطانا، أقول هذا لأن يأتوا بمثل قولنا أو أمر أفضل من أمرنا.

فقال النبى صلى الله تعالى عليه وسلم لثابت بن قيس بن الشماس قم فأجبه، فقام فقال:

الحمد لله الذى خلق السموات والأرض، وقضى فيهن أمره، ووسع كرسيه علمه، ثم إن من فضل الله أن جعلنا ملوكا، واصطفى من خير خلقه رسولا أكرمه نسبا وأصدقه حديثا، وأفضله حسبا، فأنزل عليه كتابا، وائتمنه على خلقه، وكان خيرة الله تعالى من العالمين، ثم دعا الناس إلى الإيمان بالله، فامن به المهاجرون من قومه وذوى رحمه، أكرم الناس أحسابا وأحسنهم وجوها، وخير الناس فعلا، ثم كان أول الناس استجابة لله حين دعا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، فنحن أنصار الله، نقاتل الناس حتى يؤمنوا، فمن آمن بالله ورسوله منع منه ماله ودمه، ومن سكت جاهدناه فى سبيل الله تعالى أبدا، وكان قتله علينا يسيرا، أقول هذا وأستغفر الله العظيم للمؤمنين والمؤمنات، والسلام عليكم.

فتح النبى صلى الله تعالى عليه وسلم هذه المباراة البيانية إرضاء لرغبة القول عندهم وليعلمهم أن المفاخرة ليست بالأنساب، ولكن المفاخرة بالإيمان والأعمال الصالحة، والتقوى، وليضرب المثل لهم بقومه، وليقدم لهم الحق سائغا، ولقد قال الزبرقان بن بدر من بعد: إن هذا الرجل خطيبه خير من خطيبنا، وشاعرهم أحسن من شاعرنا، وأقوالهم أعلى من أقوالنا، وقد أعطاهم جوائز، يشبه ما يعطى المؤلفة قلوبهم.

[سرية الضحاك بن سفيان:]

٦٣٦- كانت هذه السرية كأخواتها لتعرف أحوال العرب فى صحرائهم ونشر الإسلام بينهم، وجعل الحبل ممدودا بينه وبينهم من غير أن يقطع، وأرسل فى هذه السرية الضحاك بن ثابت إلى بنى كلاب، وهو منهم، فى ربيع الأول من السنة التاسعة.

اتجه إليهم ابن سفيان فدعاهم إلى الإسلام فلم يستجيبوا فقاتلهم فهزمهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>