للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأمانة واجبة مع الأعداء:]

٥٤٥- إن الأمانة عدالة، بل إن العدالة ذاتها تدخل فى ضمن الأمانات ولذلك قرنها سبحانه وتعالى بها فى قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها، وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ، إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ.

وفى غزوة خيبر بين النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أن الأمانة فى مال الأعداء واجبة، لا تبرر العداوة إهمالها، وإذا كانت أموال الأعداء تغنم فى القتال ويأخذها المسلمون، ويقسمونها بينهم، فإن ذلك قانون الحروب، وليس من قانون الإسلام خيانة الأمانة ولو لعدو يحارب.

روى موسى بن عقبة عن عروة بن الزبير أنه جاء عبد حبشى أسود من أهل خيبر، كان فى غنم لسيده، فلما رأى أهل خيبر قد حملوا السلاح سألهم: ماذا تريدون؟ قالوا: نقاتل هذا الرجل الذى يزعم أنه نبى، فوقع فى نفسه ذكر النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، فأقبل بغنمه، حتى عمد إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقال له: إلى من تدعو؟ قال: أدعوك إلى الإسلام، أن تشهد أن لا إله إلا الله وأنى رسول الله وألا تعبد إلا الله، فقال العبد: فماذا يكون لى إن شهدت بذلك، وآمنت بالله، قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: الجنة إن مت على ذلك، قال الرجل المؤمن: يا رسول الله إن هذه الغنم عندى أمانة، إذ كان يرعاها، وهنا أمره النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أن يؤدى أمانته، ولم يقل أنها غنيمة للمسلمين، ولم يضمها إلى أموال الله، لأن الأمانة يجب أن تراعى لذاتها، لا فرق فيها بين عدو محارب، وولى مناصر، بل قال الرسول الأمين: أخرجها من عسكرنا، وارمها بالحصا، فإن الله سيؤدى عنك أمانتك. ففعل، فرجعت الغنم إلى سيدها فعرف اليهودى أن غلامه قد أسلم.

ولقد قتل ذلك العبد الأمين بأمانة الله تعالى فى خيبر شهيدا، فأدخل فى قماط الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم.

وإن هذا درس حكيم للذين يخونون أموال الناس، ويبررونها بعداوة لهم، وقد يكونون ظالمين فى العداوة كما هم ظالمون بالخيانة، والله عليم بذات الصدور.

[النبى صلى الله تعالى عليه وسلم تفوته الصلاة:]

٥٤٦- إن الأعذار تكون على الناس أجمعين، والنبى صلى الله تعالى عليه وسلم من أصل البشرية، فيجرى عليه ما يجرى على الإنسان ويرهقه ما يرهق الإنسان.

<<  <  ج: ص:  >  >>