يروى أن هرقل عندما جاءه كتاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أعطاه لكبير الأساقفة الذى كان صاحب أمرهم يصدرون عن رأيه وعن قوله، فلما قرأ الكتاب قال: هو والله الذى بشرنا به موسى وعيسى الذى كنا ننتظره، قال هرقل فما تأمرنى، قال الأسقف أما أنا فمصدقه ومتبعه، فقال قيصر إنه كذلك، ولكنى لا أستطيع، إن فعلت ذهب ملكى وقتلنى الروم، لم يذهب إذن الكتاب صرخة فى واد، بل كان له صدى، وظهر فيما بعد.
[كتابه إلي كسري ملك الفرس]
٥٨٠- عندما أراد النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أن يرسل إلى الملوك وقف فى الصحابة خطيبا وبعد أن حمد الله وأثنى عليه بما هو أهله قال:
أما بعد فإنى أريد أن أبعث بعضكم إلى ملوك الأعاجم، فلا تختلفوا على كما اختلف بنو إسرائيل على عيسى بن مريم.
فقال المهاجرون: إنا لا نختلف عليك فى شيء أبدا، فمرنا وابعثنا.
فبعث رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم شجاع بن وهب إلى كسرى.
وظاهر هذا الكتاب أنه أرسل إلى كسرى عقب هذا البيان النبوى، وربما يوميء إلى أن الكتاب إلى كسرى كان قبل الإرسال إلى ملك الروم، ولكنا نرجح أن الإرسال للملوك جميعا كان فى وقت واحد، وربما كان وصول الرسول إلى هرقل قبل وصوله إلى كسرى.
ومهما يكن الأمر من ناحية السابق واللاحق، فإنه ثبت أنه أرسل للملكين ولغيرهما من الملوك والرؤساء.
بعث رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم شجاع بن وهب إلى كسرى فمضى بالكتاب إليه، ووقف أمام بابه مستأذنا مع عظاماء الفرس، وقد أذن لعظماء الفرس، ثم أذن له من بعدهم، فلما دخل أراد أن يدفعه لغيره، فأبى إلا أن يدفعه إليه بشخصه، وقال له لا حتى أدفعه أنا إليك كما أمرنى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، فقال كسرى ادن، فدنا وناوله الكتاب ثم دعا كاتبا من أهل الحيرة فقرأه، فإذا فيه: