للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان عمر رضى الله تعالى عنه حفيا بألا يضرب إلا أشراف قريش ليعرفوا حرارة الضربات فصك وجوههم صك الجندل، فما كان فى هذه المعركة التى أثارها يدنو منه شريف إلا أخذه بالضرب الشديد حتى أعجز الناس، ثم أتبع المجالس التى كان يجلس فيها، فيظهر الإيمان «١» ، فيلاقونه ويذيقهم من إسااتهم كؤوسا.

عاد إلى النبى صلى الله تعالى عليه وسلم ومعه المسلمون يدعوهم إلى أن يظهروا مجتمعين، وألا يبقوا متفرقين، فتجمعوا وخرجوا ليصلوا فى الكعبة الشريفة مجتمعين، وساروا على صفين على رأس أحدهما حمزة أسد الله وسيد الشهداء، وعلى رأس الثانى عمر رضى الله تبارك وتعالى عنهم.

وتحدوا بجموعهم قريشا أن تمنعهم، ولم يجدوا جوابا لهذا التحدى العملى، لأن أبا جهل داعية الشر تذكر قوس حمزة تقمع رأسه، وتذكر عتبة بن ربيعة صرع عمر، ووضع أصابعه فى عينيه.

ظهر الإسلام، فظهر النور، وسارت الركبان، بما اعتز به الإسلام، وانخذل الشرك، وتحول الاضطهاد من الاحاد إلى الجماعات على ما سنبين فى الاضطهاد، الذى نؤجل الكلام فيه، لأنه استمر طول مدة الدعوة فى مكة المكرمة، وانتهى بالهجرة.

وأخذ المشركون يسلكون ثلاثة مسالك مع الاضطهاد:

أولها: محاولة استمالة النبى عليه الصلاة والسلام ليمنعوه من الجهر بدعوته.

وثانيها: مجادلته لإعجازه أو إظهار ضعفه فى زعمهم.

وثالثها: الشكوى منه لعمه أبى طالب.

[محاولة كفه عنهم بالاستمالة]

٢٣٨- يئس الكفار من النبى عليه الصلاة والسلام، اذوا أنصاره فثبتوا، واذوه وتهكموا به فما نالوا، وكلما زادوا إيذاء سرى الإيمان فى القلوب، فبإيذائهم للنبى صلى الله عليه وسلم هدى الله حمزة للإيمان فكان إلبا عليهم، وبسبب إيذاء عمر لختنه ولأخته، ولرؤيته المؤمنين يهاجرون رق قلبه، فامن، وكان إيمانه كارثة كرث الله سبحانه وتعالى بها الشرك وأهله، فكان القوة الفارقة بين استخفاء المسلمين، وإعلان الإسلام، والمجاهرة بالعبادة، وإظهار صوت الحق يرن فى جوف المسجد الحرام.


(١) البداية ج ٣ ص ٣١، ٧٩

<<  <  ج: ص:  >  >>