للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[نتائج غزوة الخندق]

٤٧١- كانت لهذه الغزوة نتائج طيبة:

(أ) إذ رد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا، وقد بذلوا أقصى ما يستطيعون فيها، جمعوا العرب ليغزوا المدينة فما رجعوا إلا بستة من القتلى يقابلهم ثلاثة فيهم فارسهم وقد قتله فارس المسلمين على كرم الله وجهه.

وإن أثر هذا أن ألقى اليأس في قلوبهم من أن ينالوا من النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، وما كانوا ليستطيعوا أن يقوموا بمثل ما قاموا به، فكان لسان حالهم يقول، لا نستطيع لمحمد سبيلا، ولقد قال النبى صلى الله تعالى عليه وسلم «لا تغزوكم قريش بعد عامكم هذا. ولكنكم تغزونهم» ، ولقد أشار القرآن الكريم بذلك، فقال تعالى وهو أصدق القائلين وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ.

(ب) وإن العرب الذين كانوا قد طمعوا في المؤمنين بعد غزوة أحد التى أشاع المشركون فيها أن محمدا صلى الله تعالى عليه وسلم وصحبه قد هزموا، قد استكانوا، ولم يعودوا طامعين في نصر، بل نأى بهم الخوف عن أن ينالوا منالا، أو يدبروا أمرا، فلا يفكروا في اعتداء أو غدر، أو ممالأة، وإن ذلك اليأس قد يدفعهم إلى التفكير فيما يدعو إليه محمد صلى الله تعالى عليه وسلم، ولذلك كثر الذين يجيئون إلى النبى صلى الله تعالى عليه وسلم داخلين في الإسلام أفواجا وفرادى، إذ أن الغواشى قد زالت، ومن ذلك كانت وفود القبائل العربية يجيئون يتعرفون الإسلام.

(ج) وأن الآيات المادية قد تؤثر في أولئك الماديين الحسيين، وخصوصا إذا كانت في موطن الفزع، فإنها إذا جاءت من غير سبب يألفونه ويعرفونه، فإنها قد تأخذ عقولهم إلى التفكير السليم وتخلعها من الوثنية، إذ يدخل إليها نور الحق شيئا فشيئا، والنور كلما دخل أشرق، وإذا أشرق اتجهوا إلى الحق وطلبوه وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ.

(د) وإن اليهود قد ظهرت نياتهم لمرأى العين، وانكشفت وصار ما تخفيه صدورهم أمرا معروفا.

فقد كانت هذه الشديدة، التى ادلهمت مبينة ما يبيته اليهود للمؤمنين، بل تكشفت الوجوه ولم تسترها همزة النفاق، وصاروا وجها لوجه أمام النبى صلى الله تعالى عليه وسلم.

(هـ) وقد بينت واقعة الخندق أن أهل الباطل جمعهم متفرق، فقد اجتمعوا، ولكن سرعان ما اختلفت نوازغهم بين المشركين أنفسهم، بما أبداه غطفان من الميل للصلح والعودة، وبما كان بين المغيرين والقرظيين.

<<  <  ج: ص:  >  >>