وإن هذا يدل على أن الردة توجب القتل، ويصدق عليه قول النبى صلى الله تعالى عليه وسلم:
«من بدل دينه فاقتلوه» .
ودلالة إباحة دم مقيس هذا لقتله قاتل أخيه أو لردته، ولذلك كانت الدلالة احتمالية من حيث تعيين السبب.
[إثارة فتنة وإطفاؤها:]
٤٩٢- فى هذه الغزوة ثارت فتنة، ولكن أطفأها النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بحكمته.
ذلك أن الناس كانوا يردون الماء، وفيهم أجير لعمر بن الخطاب يقال جهجاه بن مسعود يقود فرسه، فازدحم أجير عمر هذا مع سنان بن وبر الجهنى حليف بنى عوف من الخزرج فاقتتلا، فصاح الجهنى: يا معشر الأنصار، وصاح أجير عمر: يا معشر المهاجرين.
ولم يجب الأنصار صرخة حليفهم، ولا المهاجرون صرخة أجيرهم، ولكن النفاق استغل ذلك لتكون تارة ثائرة.
غضب عبد الله بن أبى بن سلول زعيم المنافقين مع رهط من رجاله، وكان في مجلسهم زيد ابن أرقم، ولم يكن منافقا بل كان مؤمنا.
قال ابن أبى بن سلول: قد ناقرونا، وكاثرونا في بلادنا والله ما عدنا وجلابيب قريش (أى المهاجرين) إلا كما قال الأوّل: سمن كلبك يأكلك، أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، ثم أقبل على من حضره من قومه، فقال لهم: هذا ما فعلتم بأنفسكم أحللتموهم بلادكم، وقاسمتموهم أموالكم، أما والله لو أمسكتم عنهم ما بأيديكم لتحولوا إلى غير دوركم.
سمع ذلك زيد بن أرقم فمشى به إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، وأبلغه الخبر بعد فراغه من غزوة عدوه، وكان عنده عمر بن الخطاب رضى الله عنه، فقال له عمر: مر به عباد بن بشر فليقتله.
قال ذلك عمر بحمية الإيمان، ولكن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، وهو الحليم الذى يعالج النفوس والأمور قال:«فكيف يا عمر إذا تحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه» ولكن أذن بالرحيل، فارتحل الناس.