للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثا: أن تحرير الرقبة ضرورى أو بدله، وهو صيام ستين يوما، وذلك لتكفير إثم الخطأ، لأنه مهما يكن ففيه إثم ترك الاحتراز، ولأن القاتل خطأ أفقد المسلمين نفسا، فحق عليه أن يحيى نفسا بدل من تسبب فى فقدها، وإحياؤها بحريتها، فالحرية لفاقدها إحياء.

هذه إشارات إلى أحكام القتل فى القرآن الكريم ذكرناها ليميز ما جاء به النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، وهو القتل شبه العمد، ولم يذكر فى القرآن الكريم حكم للقتل الشبيه بالعمد.

وذكره النبى صلى الله تعالى عليه وسلم فى فتح مكة المكرمة فى المدة التى أقامها بها فقد قال صلى الله تعالى عليه وسلم: «الحمد لله الذى صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده» ألا إن قتيل العمد الخطأ بالسوط أو العصا فيه مائة من الإبل- وفى مرة قال- مغلظة فيها أربعون خلفة فى بطونها أولادها، وهذا النوع من القتل يسمى فى عرف الفقهاء شبه العمد، وسماه النبى صلى الله تعالى عليه وسلم العمد الخطأ، وهو كما عرف النبى صلى الله تعالى عليه وسلم القتل المقصود الذى يقع بغير آلة معدة للقتل، كالقتل بالسوط أو العصا، أو الحجر، الذى لا يقتل عادة، وهو الذى يسمى فى عرف القانون فى هذه الأيام الضرب المفضى إلى الموت، وقد ذكر النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أن ديته دية مغلظة، وذلك لأن الدية فى القتل نوعان، فالدية المغلظة التى تناسب الجريمة وهى التى ذكرها النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، وهى مائة من الإبل فقط من غير اشتراط أن يكون فيها هذه الأربعون الحوامل.

والقتل شبه العمد الضرب مقصود فيه، فلم يكن خطأ جاء من غير قصد إنما قصد ثابت لأنه أراد الضرب، ولكن الآلة غير قاتلة فى ذاتها، فهو لا يعد قاصدا النتيجة، وجاءت النتيجة غير مقصودة، فشابه الخطأ من حيث لم يقصد هذه النتيجة، وشابه العمد، لأنه قصد الضرب، وباشره عامدا، ولذلك سماه النبى صلى الله تعالى عليه وسلم: «العمد الخطأ، فهو عمد فى ابتدائه وليست نهايته متعمده» .

[الميراث بين المسلم والكافر]

٦١٠- عندما دخل النبى صلى الله تعالى عليه وسلم مكة المكرمة، لم يجد دارا من دور بنى هاشم تعد بيتا، ولم يجد بيته الذى كان له قبل هجرته، وقال عليه الصلاة والسلام: هل أبقى لنا عقيل من دار، وعد نفسه مسافرا ودل هذا على أنه إذا عاد الشخص إلى موطنه الأصلى لا ينقطع عنه وصف المسافر إلا إذا عاد إلى بيته الذى كان يقيم فيه، فإن لم يجد بيته الذى كان يقيم فيه لا يعد مقيما، بل يعد مسافرا وذلك لأن مكة المكرمة بلده، ولكنه لم يجد فيها راحة المقيم فكان مسافرا.

<<  <  ج: ص:  >  >>